صنعاء تعيش حالة من التوتر الأمني: الحوثيون يصدرون توجيهات بمنع مغادرة قيادات بارزة وشخصيات مؤثرة

كشفت مصادر محلية مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء عن صدور توجيهات طارئة من قبل جماعة الحوثي، تقضي بمنع عدد من القيادات العسكرية والسياسية والقبلية، بالإضافة إلى شخصيات اقتصادية مرموقة، من مغادرة المدينة.
هذه الخطوة الاستثنائية، التي جاءت في ظل تصاعد التوترات الداخلية داخل مناطق سيطرة الجماعة، تعكس حالة من القلق المتزايد بشأن استقرارها الداخلي.
إجراءات مشددة وانتشار أمني كثيف
بحسب ما أفادت به المصادر فإن القرارات شملت قادة عسكريين بارزين، مشايخ قبائل ذوي نفوذ، ومدراء عموم ووكلاء وزارات، فضلًا عن مشرفين إداريين يتبعون للجماعة في مختلف المؤسسات الحكومية.
كما طالت الإجراءات عددًا من رجال الأعمال المقيمين في صنعاء، حيث تم إبلاغهم رسميًا بوقف أي تحركات أو سفر خارج العاصمة بشكل فوري.
وفي السياق ذاته، أكدت المصادر أن صنعاء تشهد منذ ساعات حالة غير مسبوقة من "الإغلاق الأمني الداخلي"، مع انتشار وحدات أمنية ومسلحين تابعين للحوثيين بكثافة في الشوارع الرئيسية والمداخل الحيوية للمدينة.
وأشارت المصادر إلى تشديد الإجراءات الأمنية على المنافذ الرئيسة، حيث يتم تفتيش السيارات والأشخاص بشكل دقيق، في خطوة يبدو أنها تهدف إلى ضمان تنفيذ القرارات ومنع أي محاولات لمغادرة المدينة.
مخاوف داخلية وأزمات متعددة الأبعاد
يرى مراقبون أن هذه الخطوة تأتي في ظل تصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجهها جماعة الحوثي داخل المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وتتزامن هذه القرارات مع بوادر انشقاقات داخل صفوف الجماعة، حيث تشير تقارير إلى وجود تململ واسع النطاق بين الشخصيات المؤثرة والمقربة من القيادة الحوثية، نتيجة السياسات القمعية والفشل في إدارة الأوضاع الاقتصادية والخدمية.
وقال مصدر سياسي مطلع إن "هذه الإجراءات تُظهر مدى الهواجس التي تسيطر على قيادة الحوثيين بشأن ولاء بعض القيادات والشخصيات المؤثرة، خاصة في ظل الأزمات المتلاحقة التي تشهدها البلاد".
وأضاف المصدر أن "الحوثيين قد يكونون يخشون من احتمالية حدوث تحركات داخلية قد تهدد سيطرتهم على العاصمة، سواء عبر التنسيق مع جهات خارجية أو عبر تصعيد المعارضة الداخلية".
مؤشرات على أزمة ثقة داخلية
ومن بين العوامل التي قد تكون دفعت الحوثيين إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات المشددة، هو التدهور المستمر في الاقتصاد المحلي، الذي أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين وارتفاع معدلات الغضب الشعبي.
كما أن الجماعة تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب الحرب المستمرة، وعجزها عن تقديم حلول مستدامة للأزمات المعيشية والخدمية، مما أدى إلى تآكل شعبيتها حتى بين صفوف أنصارها التقليديين.
وفي هذا الصدد، أكدت المصادر أن هناك شكوكًا حوثية متزايدة حول دور بعض القيادات والشخصيات المؤثرة في تسريب المعلومات أو التنسيق مع أطراف خارجية.
وأشارت المصادر إلى أن القرار بمنع مغادرة هؤلاء الشخصيات قد يكون مرتبطًا بتحقيقات داخلية تقوم بها الجماعة حول قضايا فساد وإدارة سيئة للملفات الاقتصادية والسياسية.
ردود فعل متباينة
على الرغم من عدم صدور أي بيانات رسمية من قبل جماعة الحوثي حول هذه التطورات، إلا أن الخطوة أثارت ردود فعل متباينة بين السكان المحليين.
فبينما رأى البعض أن هذه الإجراءات تعكس حالة من الفوضى وعدم الاستقرار داخل الجماعة، أعرب آخرون عن قلقهم من تداعيات هذه القرارات على الحياة اليومية في المدينة، خاصة مع تشديد الإجراءات الأمنية وتعطيل حركة التنقل.
وفي الوقت نفسه، أكدت أوساط قبلية أن منع مشايخ القبائل من السفر قد يؤدي إلى توترات جديدة بين الجماعة وهذه القوى الاجتماعية، التي كانت تاريخيًا أحد أهم أعمدة الدعم لها.
واعتبرت هذه الأوساط أن الحوثيين يضعون أنفسهم في موقف صعب، من خلال تضييق الخناق على شخصيات كانت تعتبر جزءًا من حلفائهم.
مستقبل غامض
مع استمرار الأوضاع على هذا النحو، يبقى المستقبل غامضًا بالنسبة للعاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين. فالخطوات التي تتخذها الجماعة تعكس حالة من الاحتقان الداخلي وعدم الثقة، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد الأزمات بدلاً من حلها.
وفي ظل غياب أي حلول سياسية شاملة للأزمة اليمنية، يبدو أن الشعب اليمني سيظل يدفع ثمن هذه التوترات، سواء من خلال تدهور الأوضاع الاقتصادية أو التضييق الأمني والسياسي.
يمكن القول إن قرارات الحوثيين الأخيرة بمنع مغادرة القيادات والشخصيات المؤثرة تعكس محاولة يائسة للحفاظ على السيطرة في ظل أزمات متعددة الأبعاد.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة قد تزيد من حدة التوترات الداخلية، وتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا وصعوبة على جميع الأطراف.