الحوثيون يعترفون بسقوط عشرات القتلى والجرحى في هجوم أمريكي

في تطور لافت، اعترفت جماعة الحوثيين المسلحة بمقتل وإصابة العشرات من عناصرها في هجوم جوي أمريكي استهدف تجمعًا لهم جنوبي محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.
الهجوم الذي وقع في وقت سابق من الأسبوع الماضي، أثار جدلاً واسعًا بعد تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الضربة كانت تستهدف اجتماعًا لقيادات عسكرية حوثية كانوا يخططون لتنفيذ عمليات بحرية عدائية عبر المنطقة.
روايات متباينة حول طبيعة الهدف
على الرغم من التصريحات الأمريكية التي أكدت أن الاستهداف كان دقيقًا وركز على قيادات بارزة في الجماعة، نفت الأخيرة هذه الرواية بشكل قاطع.
وفي بيان رسمي، زعمت الجماعة أن الهدف لم يكن اجتماعًا عسكريًا، بل "فعالية لزيارة اجتماعية عيدية" في منطقة الفازة جنوبي مدينة الحديدة.
ومع ذلك، تشير مصادر محلية إلى أن التجمع المستهدف كان يُحاكي فعاليات التعبئة التي اعتاد الحوثيون تنظيمها على مدى سنوات بهدف حشد رجال القبائل للقتال في صفوفهم على مختلف الجبهات.
حجم الخسائر البشرية
وفي هذا السياق، كشف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، أمس الجمعة، عن مقتل نحو 70 عنصرًا من المسلحين الحوثيين في الغارة الجوية التي ضربت منطقة الفازة. وأكد الوزير أن الهجوم أسفر أيضًا عن إصابة العشرات، وهو ما يعكس حجم الدمار الكبير الذي خلفته الضربة. ومن المتوقع أن تؤثر هذه الخسائر على قدرات الجماعة العسكرية، خاصة وأن التقارير تشير إلى أن العديد من القتلى كانوا من القيادات الميدانية ورجال القبائل الذين يشكلون العمود الفقري لقواتها.
الخلفية الاستراتيجية للهجوم
تعتبر محافظة الحديدة ذات أهمية استراتيجية كبيرة نظرًا لموقعها على البحر الأحمر، حيث تضم ميناءً حيويًا يُعد شريانًا رئيسيًا لإمدادات الغذاء والوقود في البلاد. وتتهم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات الحوثيين باستخدام الميناء ومناطقه المحيطة كمنصة لشن هجمات بحرية ضد السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وباب المندب.
ووفقًا للرواية الأمريكية، فإن الاجتماع المستهدف كان يضم قيادات عسكرية حوثية بارزة كانوا يناقشون خططًا لتنفيذ عمليات بحرية عدائية قد تعرقل حرية الملاحة الدولية في المنطقة. وتأتي هذه الضربة في إطار الجهود الأمريكية لتأمين الممرات البحرية الحيوية ومنع أي تهديدات محتملة من الجماعة المسلحة.
ردود فعل محلية ودولية
أثار الهجوم ردود فعل متباينة على الصعيدين المحلي والدولي. فبينما رحب البعض بالضربة باعتبارها ضربة موجهة ضد الجماعة المسلحة التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومناطق واسعة من البلاد منذ عام 2014، أعرب آخرون عن قلقهم من تداعيات مثل هذه العمليات على المدنيين في المناطق المستهدفة.
وفي الوقت نفسه، تزايدت الدعوات إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية التي تدخل عامها الثامن، والتي خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وتشير التقديرات إلى أن النزاع أدى إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف، وترك ملايين اليمنيين على حافة المجاعة.
مستقبل التصعيد العسكري
مع استمرار التوترات في المنطقة، يبقى السؤال حول مستقبل العمليات العسكرية ضد الحوثيين مفتوحًا. فبينما تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى توجيه رسائل واضحة للجماعة المسلحة، يبدو أن الأخيرين مصرّون على تعزيز وجودهم العسكري والاستراتيجي في المناطق التي يسيطرون عليها.
وفي ظل غياب حل سياسي قريب، يخشى المراقبون أن يؤدي التصعيد العسكري إلى مزيد من المعاناة الإنسانية في بلد يرزح تحت وطأة الحرب منذ سنوات. وبينما تتواصل الجهود الدولية لإنهاء النزاع، يبقى اليمن ساحة صراع معقدة تتقاطع فيها مصالح إقليمية ودولية متعددة.
ختامًا ، يسلط هذا الحادث الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه الجهود الرامية لتحقيق السلام في اليمن، وعلى الحاجة الملحة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع وإنهاء المعاناة الإنسانية التي طالت أكثر من اللازم.