ميناء جدة الإسلامي يتوسع لاستيعاب 4 ملايين حاوية

في خطوة استراتيجية تعكس رؤية المملكة 2030 الطموحة، أعلنت الهيئة العامة للموانئ السعودية عن إطلاق مشروع ضخم لتوسعة وتطوير محطة الحاويات الجنوبية بميناء جدة الإسلامي، بالشراكة مع مجموعة "دي بي ورلد" العالمية، باستثمارات تصل إلى 3 مليارات ريال (ما يعادل 800 مليون دولار). يهدف هذا المشروع إلى رفع الطاقة الاستيعابية للميناء وتحسين كفاءته التشغيلية، ما يجعله منافسًا عالميًا في مجال الخدمات اللوجستية.
قفزة نوعية في القدرة التشغيلية
من خلال هذه التوسعة، ستشهد محطة الحاويات الجنوبية ارتفاعًا في سعتها الاستيعابية من 1.8 مليون إلى 4 ملايين حاوية قياسية، مما يُمكن الميناء من استقبال المزيد من الشحنات العالمية، ودعم حركة التصدير والاستيراد. تعد هذه الزيادة خطوة أساسية نحو تعزيز مكانة المملكة على خارطة التجارة البحرية العالمية، حيث يربط الميناء بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما يعزز دوره كمحور لوجستي رئيسي.
وتتوقع "موانئ السعودية" أن يُحدث هذا التطوير تحولًا كبيرًا في كفاءة العمل داخل الميناء، حيث سيتمكن من استيعاب تدفق البضائع بشكل أسرع، مما يدعم سلاسل الإمداد العالمية، ويرفع من تصنيف المملكة في المؤشرات الدولية.
تقنيات حديثة لرفع كفاءة العمليات
لتحقيق هذا التحول الرقمي، تم إدخال أحدث التقنيات العالمية إلى الميناء، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والأتمتة، وتقنيات إنترنت الأشياء (IoT)، والتي تساهم في تسريع العمليات اللوجستية وتحسين دقة تتبع الشحنات.
ومن أبرز التطورات التقنية التي تم تطبيقها:
تقليص زمن معاملات البوابات من دقيقتين إلى 10 ثوانٍ فقط، مما يسهل عمليات الدخول والخروج.
توسيع أسطول الرافعات من 14 إلى 17 رافعة بحلول عام 2025، مع إدخال رافعات كهربائية مؤتمتة.
استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الحمولات، مما يزيد من كفاءة عمليات التفريغ والتحميل.
زيادة السعة الاستيعابية للحاويات المبردة من 1200 إلى 2340 حاوية، لمواكبة الطلب المتزايد على شحن المواد الغذائية والأدوية.
كما يجري تطوير منشأة فحص متطورة قادرة على فحص 75 حاوية مبردة في وقت واحد، وهي الأكبر من نوعها في السعودية، مما يعزز من قدرات المملكة في قطاع التخزين والتوزيع المبرد.
الالتزام بالاستدامة البيئية
تماشيًا مع التوجهات البيئية، تعمل "موانئ السعودية" و**"دي بي ورلد"** على تقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 50% خلال السنوات الخمس المقبلة، عبر:
استخدام رافعات كهربائية صديقة للبيئة بدلاً من الرافعات التقليدية التي تعمل بالوقود.
اعتماد تصاميم المباني الخضراء لتقليل استهلاك الطاقة.
تطبيق أنظمة إعادة تدوير المياه داخل المنشآت اللوجستية.
هذه المبادرات تعزز من جودة الهواء وتقليل البصمة الكربونية للميناء، مما يجعله نموذجًا عالميًا في الاستدامة البيئية بقطاع الموانئ.
إنشاء منطقة لوجستية متكاملة
إلى جانب توسعة محطة الحاويات، تستثمر "دي بي ورلد" في إنشاء منطقة لوجستية متكاملة تمتد على مساحة 415 ألف متر مربع، تهدف إلى:
تقديم خدمات تخزين متقدمة.
تحسين كفاءة عمليات التوزيع والشحن.
دعم الشركات العالمية والمحلية في إدارة عملياتها التجارية بسلاسة.
ومن المتوقع اكتمال المشروع بحلول الربع الثاني من عام 2026، مما يعزز دور ميناء جدة الإسلامي كأحد أكبر المراكز اللوجستية في المنطقة.
أكبر مشاريع التخصيص في تاريخ الموانئ السعودية
يأتي هذا المشروع ضمن أكبر عقود الإسناد والتخصيص في تاريخ الموانئ السعودية، حيث وقعت "موانئ السعودية" اتفاقيات مع مجموعة "دي بي ورلد" بقيمة 9 مليارات ريال، وفق نموذج البناء والتشغيل والنقل (BOT)، والذي يتيح تطوير البنية التحتية مع الحفاظ على الملكية العامة للدولة.
كما يشمل العقد تطوير "محطة بوابة البحر الأحمر"، مما يعزز قدرة المملكة على استيعاب المزيد من الشحنات العالمية، ويرفع من تصنيفها كمركز لوجستي عالمي رائد.
ميناء جدة الإسلامي.. مستقبل واعد في التجارة العالمية
مع هذه الاستثمارات الضخمة، يواصل ميناء جدة الإسلامي ترسيخ مكانته كواحد من أهم الموانئ البحرية عالميًا. ومن خلال التطورات التقنية، والاستدامة البيئية، والتوسعات اللوجستية، أصبح الميناء جاهزًا لاستقبال الجيل الجديد من السفن العملاقة، مما يعزز دوره في دعم النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة للمملكة.