طفل يفارق الحياة أثناء محاولته كسب لقمة العيش تحت وطأة الفقر والسيول

شهدت منطقة السبل - حارة الرشيد بمدينة إب، يومًا أسود طبعه حادث مأساوي أثار الحزن والأسى في نفوس الأهالي، بعد أن راح ضحيته طفل صغير كان يكافح من أجل توفير قوت يومه لأسرته الفقيرة.
الواقعة التي جرت وسط ظروف إنسانية بالغة القسوة، أعادت تسليط الضوء على معاناة الأسر المعدمة في ظل غياب الدعم الحكومي والمجتمعي.
تفاصيل الحادث
وفقًا للشهود، كان الطفل، الذي لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، يبحث عن علب البلاستيك التي جرفتها السيول الغزيرة التي اجتاحت المنطقة مؤخرًا، بهدف بيعها كمخلفات قابلة لإعادة التدوير.
هذه المهنة المتواضعة كانت مصدر دخله الوحيد، حيث اعتاد الخروج يوميًا لجمع ما يستطيع من مواد مستعملة لتأمين بعض المال لأسرته التي تعاني الويلات من الفقر والعوز.
في أحد الأيام المشؤومة، وبينما كان الطفل يلاحق علب البلاستيك التي جرفتها المياه المتدفقة، انزلقت قدماه وسط تيار المياه القوي ليجد نفسه مجبرًا على التشبث بأحد أعمدة الكهرباء القريبة في محاولة يائسة لإنقاذ نفسه.
لكنه لم يكن على دراية بالخطر المحدق؛ فقد تعرض على الفور لصعقة كهربائية قوية أنهت حياته في لحظات، لتتحول تلك اللحظات إلى كابوس أليم لا يمكن محوه من ذاكرة الشهود وأفراد أسرته.
ردود فعل الأهالي ووصول الأم المكلومة
المنظر كان موجعًا ومثيرًا للحزن. شهود العيان الذين كانوا قريبين من موقع الحادث سارعوا إلى إبلاغ الجهات المعنية، بينما توافدت الجموع إلى مكان الواقعة.
ومع وصول والدة الطفل المفجوعة، انهارت تمامًا وهي تحاول تنظيف الطين الملتصق بوجه طفلها الصغير، غير مصدقة أن فمه الذي كان يتحدث إليها قبل ساعات فقط قد صمت للأبد.
قال أحد الشهود: "كانت الأم تصرخ بصوت مرتفع وتقول: يا ولدي، استيقظ، كنت أنتظر عودتك اليوم لتأتيني بشيء نأكله! ".
مشاهد الحزن والألم كانت واضحة على الجميع، حيث عبر الأهالي عن غضبهم واستيائهم من غياب الإجراءات الوقائية التي كان يمكن أن تحمي هذا الطفل البريء من هذا المصير المروع.
أوضاع مأساوية وغياب الحلول
حادثة الطفل ليست سوى واحدة من العديد من الوقائع المؤلمة التي تشهدها المناطق الفقيرة في مدينة إب، حيث تدفع الأسر المعدمة أطفالها إلى العمل في سن صغيرة جدًا، في ظروف خطرة وغير آمنة، بسبب البطالة والفقر المدقع.
ورغم أن البلاد تواجه أزمات متلاحقة على مختلف الأصعدة، إلا أن مثل هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتحرك عاجل من الجهات المسؤولة لتوفير الحماية الاجتماعية لهذه الفئات الهشة.
الأعمدة الكهربائية القديمة والمكشوفة في المناطق السكنية، والتي غالبًا ما تكون غير مجهزة بمعايير السلامة، تمثل خطورة كبيرة على السكان، خاصة خلال موسم الأمطار والسيول.
ومع ذلك، فإن السلطات المحلية لم تتخذ حتى الآن أي إجراءات جدية لتحسين البنية التحتية أو لوضع حلول مستدامة لحماية المواطنين.
نداءات للتغيير
عقب الحادث، أطلق الأهالي نداءات عاجلة للمجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية لتوفير الدعم للأسرة المنكوبة، سواء من خلال تقديم مساعدات غذائية أو مالية لتعويض فقدان الطفل الذي كان المعيل الوحيد لهم.
كما دعا البعض إلى ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لمعالجة المخاطر البيئية والكهربائية التي تهدد حياة السكان، بالإضافة إلى وضع برامج اجتماعية تستهدف الأسر الأكثر فقرًا.
هذه المأساة ليست مجرد قصة طفل فقد حياته في سبيل توفير لقمة العيش، بل هي صرخة إنسانية تطالب بالاهتمام بحقوق الأطفال والفقراء، وبالعمل على تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية في المناطق النائية.
إن لم يتم اتخاذ خطوات جادة نحو التغيير، فإن هذه الحوادث ستستمر في التكرار، لتكون شاهدة على معاناة صامتة لا يزال المجتمع يعاني منها دون نهاية تلوح في الأفق.
#يبقى_السؤال : إلى متى سيظل الفقر والتجاهل يخطف أرواح الأبرياء؟