”المسحراتي”: من مهنة رمضانية تقليدية إلى رمز من رموز الشهر الكريم
يعد المسحراتي من أبرز رموز شهر رمضان الكريم، حيث يضفي سحرًا خاصًا على ليالي الشهر المبارك من خلال تجواله في الشوارع في الساعات الأخيرة من الليل، ليوقظ الناس لتناول وجبة السحور استعدادًا للصيام. ورغم غياب مصادر تاريخية موثوقة تحدد بداية ظهور هذه المهنة بدقة، تشير الروايات الشعبية إلى أن جذور هذه العادة تعود إلى العصر النبوي.
أصل المسحراتي وتاريخه
ظهرت مهنة المسحراتي في العصر الفاطمي، حيث كان الحكام يعينون أشخاصًا لإيقاظ الناس قبل الفجر. وقد بدأ هذا التقليد في مصر خلال عهد السلطان الحاكم بأمر الله، عندما كانت الجنود تجوب الشوارع وتطرق الأبواب لإيقاظ النائمين للسحور باستخدام الطبول والدفوف، بدلاً من طرق الأبواب لكل منزل.
في القرن التاسع هجريًا، كان عتبة بن إسحاق أول من مارس مهنة المسحراتي بشكل رسمي، حيث كان يجوب شوارع مدينة الفسطاط وهو ينادي: "يا عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة"، ليصبح بذلك أول مسحراتي في التاريخ.
المسحراتي وتطور مهنته
تطورت مهنة المسحراتي خلال العصور التالية. ففي العصر المملوكي، أصبح المسحراتي أكثر شهرة وانتشر في مختلف المناطق، حيث بدأ المسحراتي في استخدام الطبلة "البازة" والطرق عليها بالعصا بشكل منتظم ومدوٍ لإيقاظ الناس. بالإضافة إلى ذلك، بدأ المسحراتيون في أداء الأناشيد الشعبية المميزة مثل: "يا نايم وحد الله"، مما جعل مهنة المسحراتي جزءًا من التراث الشعبي الرمضاني في مصر والعالم العربي.
المسحراتي في رمضان اليوم
في العصر الحالي، لا يزال المسحراتي يلعب دورًا مهمًا في التقاليد الرمضانية في مصر وعدد من البلدان العربية. ففي الشام، يُطلق عليه "الموقِظ"، بينما في المغرب يُسمى "الطبّال". وتستمر هذه العادة في إضفاء أجواء خاصة على رمضان، حيث يظل المسحراتي يردد الأهازيج التي تملأ الشوارع بالبهجة والترقب لليوم التالي من الصيام.
رمزية المسحراتي في رمضان
يُعتبر المسحراتي رمزًا من رموز التكافل الاجتماعي، حيث يسهم في نشر الأجواء الإيمانية في المجتمع. يعد تواجده في الشوارع قبل الفجر فرصة للناس للاستيقاظ وتناول السحور والتجهيز ليوم جديد من الصيام. وتختلف العبارات التي ينادي بها المسحراتية من بلد إلى آخر، لكن الجميع يتفق على رسالة واحدة: إيقاظ الناس لتناول السحور واستعدادهم للصيام.