كاتب ومحلل سياسي حوثي يسخر من ”ادعاءات التفوق” على الولايات المتحدة: ”خفة عقل تضحك البسطاء”
في موقف لافت وغير معتاد داخل أروقة المدافعين عن جماعة الحوثيين، سخر كاتب ومحلل سياسي بارز موالٍ للجماعة من الادعاءات التي تروج لها قيادات حوثية بشأن "تفوقها" على الولايات المتحدة الأمريكية. واعتبر الكاتب أن هذه الادعاءات لا تعدو كونها محاولات مضللة تستهدف خداع المواطنين البسطاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي المعروف محمد المقالح أن ما قامت به سلطة الحوثيين في صنعاء مؤخرًا من فرض عقوبات على شركات أسلحة ونفط أمريكية هو استعراض غير منطقي للقوة، واصفا إياه بأنه "خفة عقل". جاءت تصريحاته تعليقًا على الخطاب الأخير الذي ألقاه القيادي الحوثي مهدي المشاط، رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للجماعة، والذي أعلن فيه عن فرض عقوبات على عدد من الشركات الأمريكية الكبرى العاملة في مجال الأسلحة والنفط.
وفي تغريدة مقتضبة على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، رد المقالح على تغريدة للقيادي والإعلامي الحوثي نصر عامر، المعين رئيسًا لوكالة سبأ، حيث قال بسخرية: "الله يزكينا عقولنا"، في إشارة إلى أن فرض عقوبات على شركات أمريكية عملاقة يمثل "شطحة" غير واقعية تدل على ضحالة التفكير لدى قيادة الجماعة.
القرار الحوثي يثير السخرية
قرار المشاط بفرض عقوبات على شركات أمريكية قد يبدو للبعض مجرد خطوة دعائية، لكنه أثار موجة واسعة من السخرية والاستهزاء على وسائل التواصل الاجتماعي. العديد من الناشطين والمراقبين اعتبروا القرار ضربًا من الخيال، خاصة وأنه يأتي من جهة لا تملك أي تأثير حقيقي على الاقتصاد أو السياسة الدولية، بل تواجه تحديات كبيرة حتى على مستوى إدارة شؤون المناطق التي تسيطر عليها.
المقالح لم يكتفِ فقط بالتعليق على هذا القرار، بل وجه رسالة مباشرة إلى قيادات الجماعة، داعيًا إياهم إلى عدم المبالغة في تصوير قوتهم وقدراتهم.
وقال في تغريدة أخرى: "لا تبالغوا، يكفي أن تقولوا الحقيقة وهي كافية"، مضيفًا: "عظمتكم في أنكم تواجهون أمريكا وتصمدون أمام آلتها الجبارة كأكبر دولة في العالم وليس في كونكم متفوقين عليها سلاحاً واقتصاداً وعنجهية كما يدعي بعض خفيفي العائل فيكم".
رسالة إلى الجماعة: الواقعية أفضل من الاستعراض
ما قاله المقالح يعكس حالة من التململ والانزعاج داخل صفوف الموالين للحوثيين من الأساليب الدعائية التي تعتمدها قيادات الجماعة.
فبينما تحاول هذه القيادات تقديم نفسها كقوة عظمى قادرة على مواجهة أكبر الدول، يبدو أن الكثير من أفراد الجماعة أنفسهم يرون في هذه الادعاءات نوعًا من الهروب من الواقع، ومحاولة لتضليل الناس عن حجم التحديات التي تواجهها الجماعة.
ويبدو أن المقالح كان يشير بشكل واضح إلى أن "الصمود" في وجه القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة هو أمر يستحق الإشادة، لكنه ليس مبررًا لتقديم الذات على أنها قادرة على هزيمة هذه القوى أو التفوق عليها.
فالواقعية، وفقًا للمقالح، هي الأساس الذي يجب أن تنطلق منه الجماعة بدلاً من الانغماس في أوهام العظمة الزائفة.
ردود الفعل الواسعة
لم تكن تصريحات المقالح معزولة عن السياق العام الذي يسود النقاشات حول الجماعة الحوثية. ففي الوقت الذي تحاول فيه قيادات الحوثيين تصوير قراراتها بأنها تعبير عن قوة وصلابة، فإن الكثير من اليمنيين يرون في هذه القرارات مجرد محاولات لكسب تعاطف داخلي وتجاهل الصعوبات الحقيقية التي يعيشها المواطنون في مناطق سيطرتهم.
ورغم أن المقالح يُعرف بموالاته للحوثيين، إلا أن تصريحاته الأخيرة قد تضعه في موقف حرج مع القيادات العليا للجماعة، خاصة إذا ما اعتبرت هذه القيادات أن تعليقاته تشكك في مشروعية قراراتها أو تقلل من شأنها.
ومع ذلك، فإن المقالح يبدو أنه اختار الوقوف إلى جانب الواقعية والحقيقة، حتى لو كان ذلك يعني توجيه انتقادات ضمنية لقياداته.
ما قاله محمد المقالح يمثل صوت العقل الذي يحاول أن يعيد الأمور إلى نصابها، بعيدًا عن المبالغات والادعاءات التي لا تستند إلى حقائق واقعية.
فالحديث عن "التفوق" على الولايات المتحدة ليس سوى وهم يحاول البعض تسويقه، بينما الواقع يؤكد أن التحدي الحقيقي هو في القدرة على الصمود والمواجهة، وليس في ادعاءات زائفة قد تكون مضحكة أكثر مما هي مقنعة.
وفي ظل استمرار الأزمة اليمنية، يبدو أن هناك حاجة ملحة لاعتماد خطاب أكثر واقعية وصدقًا، سواء من قبل الحوثيين أو غيرهم من الأطراف المشاركة في النزاع، لكي يتمكن الشعب اليمني من رؤية الحقيقة دون تضليل أو تزييف.