دعوات مثيرة للجدل: رئيس اتحاد المهمشين في اليمن يطالب بتحويل جزيرة حنيش إلى ”وطن قومي للمهمشين السود”

أثار رئيس اتحاد المهمشين في اليمن، نعمان الحذيفي، موجة جدل واسعة في الأوساط السياسية والاجتماعية، بعد تقدمه بطلب غير مسبوق للحكومة الشرعية.
دعا الحذيفي الحكومة إلى "التنازل طوعياً" عن جزيرة حنيش الاستراتيجية، لتكون "وطناً قومياً للمهمشين السود في اليمن بحكم ذاتي".
هذه الدعوة التي جاءت بشكل مفاجئ، أثارت تساؤلات عديدة حول دوافعها وأبعادها السياسية والاجتماعية.
تصريح مثير للجدل
في تصريح له، قال الحذيفي: "بما أن الجميع يسعى جاهداً لبناء دويلات يمنية بحكم ذاتي بدعم الأشقاء، نطالب الحكومة الشرعية التنازل طوعياً عن جزيرة حنيش لتكون وطن قومي للمهمشين السود في اليمن بحكم ذاتي، لنكون قريبين من عيال عمنا بالقرن الأفريقي."
وأضاف أن هذه الخطوة ستكون بمثابة "تصحيح تاريخي" لما وصفه بـ"التهميش المستمر" الذي عانى منه السود في اليمن على مر العصور.
وبرر الحذيفي هذا الطلب قائلاً: "وبذلك تكون كل فئة يمنية أخذت نصيبها من الجغرافية الوطنية."
وأشار إلى أن إنشاء كيان مستقل للمهمشين السود في جزيرة حنيش يمكن أن يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، ويعيد الاعتبار لهذه الفئة التي وصفها بأنها "ضحية سياسات تمييزية متراكمة."
موقع استراتيجي وجغرافي
جزيرة حنيش، التي تقع في البحر الأحمر قبالة سواحل محافظة الحديدة غرب اليمن، تعتبر ذات موقع استراتيجي هام.
وقد شهدت الجزيرة نزاعات دولية في الماضي، حيث كانت محور صراع بين اليمن وإرتيريا في التسعينيات من القرن الماضي، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاقية رسمية تعترف بسيادة اليمن عليها.
ويرى البعض أن اختيار الحذيفي لهذه الجزيرة بالتحديد ليس بريئاً، خاصة وأنها تتميز بموقعها القريب من القرن الأفريقي، مما يجعلها نقطة ارتباط جغرافي وتاريخي مع دول المنطقة.
وربما كان هذا أحد الأسباب التي دفعته للإشارة إلى "عيال عمنا بالقرن الأفريقي"، في إشارة إلى الروابط التاريخية والثقافية بين المهمشين السود في اليمن وشعوب أفريقيا.
ردود فعل متباينة
تصريحات الحذيفي لاقت ردود فعل متباينة داخل اليمن وخارجه. فبينما رحب البعض بهذه الدعوة باعتبارها خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والاعتراف بحقوق المهمشين، اعتبرها آخرون "غير واقعية" وتحمل أبعاداً سياسية قد تؤدي إلى المزيد من الانقسامات في البلاد.
من جانبهم، أعرب عدد من الناشطين الحقوقيين عن دعمهم لمطالب المهمشين، لكنهم شككوا في جدوى فكرة تحويل جزيرة حنيش إلى "وطن قومي"، مؤكدين أن الحل يكمن في معالجة جذور المشكلة من خلال سياسات شاملة تضمن حقوق جميع فئات المجتمع اليمني دون تمييز.
أما على الصعيد السياسي، فقد جاءت ردود الفعل أكثر حذراً. فقد أكدت بعض المصادر الحكومية أن هذه الدعوة "غير قابلة للتنفيذ" في الوقت الحالي، مشيرين إلى أن الأولوية هي لاستعادة الدولة واستقرار البلاد في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها اليمن.
دلالات وأبعاد
الدعوة التي أطلقها الحذيفي تحمل دلالات عميقة حول وضعية المهمشين في اليمن، الذين يشكلون شريحة كبيرة من السكان، لكنهم يعانون من تهميش اجتماعي وسياسي واقتصادي منذ عقود.
ويأتي هذا الطلب في وقت يشهد فيه اليمن انقسامات حادة وصراعات مسلحة، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي.
وفي الوقت نفسه، تشير هذه الدعوة إلى رغبة متزايدة لدى بعض الفئات المهمشة في البحث عن حلول جذرية لمشاكلهم، حتى وإن كانت هذه الحلول تبدو غير تقليدية أو بعيدة عن الواقع.
ومن جهة أخرى، قد تكون هذه الدعوة رسالة واضحة للحكومة والمجتمع الدولي بشأن ضرورة الاهتمام بقضايا المهمشين وعدم تجاهل مطالبهم.
مستقبل الدعوة
على الرغم من أن تحقيق هذه الفكرة يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن، إلا أنها تسلط الضوء على قضية مهمة تحتاج إلى معالجة عاجلة.
فالمهمشون السود في اليمن، شأنهم شأن أي فئة أخرى، يستحقون أن يعيشوا بكرامة وأن يحصلوا على حقوقهم كاملة، سواء من خلال دمجهم في المجتمع بشكل حقيقي أو عبر تقديم حلول بديلة تضمن لهم العدالة والمساواة.
ختاماً، فإن دعوة نعمان الحذيفي قد تكون نقطة انطلاق جديدة لفتح نقاش جاد حول مستقبل المهمشين في اليمن، لكنها أيضاً تضع الحكومة والمجتمع أمام اختبار حقيقي لكيفية التعامل مع هذه القضية الحساسة والمعقدة.