الآل في القرآن الكريم وجرائم الإمامة بحق اليمن (2-2)

3- الأتباع {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}غافر46
إذاً، فغالبية معنى الآل تنطبق على أهل الرجل وذريته الأدنون منه، والقليل منها تعني الأتباع، وأهل الإسلام كلهم من هذا النوع الأتباع؛ أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا تطلق على أقارب الرجل من الدرجات الأخرى، كما في التفريق بين آل موسى وآل هارون مع أنهما إخوة أشقاء، وذلك في قوله تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ) البقرة٢٨٤
ويشتق منه أيضاً الأحق والأفضل في الاتباع، وهو أيضاً مفسر بالقرآن الكريم عن إبراهيم وأتباعه، وتفسير من هم أتباعه الأحق به، قال تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}آل عمران68
وقال ايضاً: (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم).
وقال: (ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) فلم يقل من آلي؛ بل قال: من ذريتي.
ويأتي مصطلح (القوم) عاماً شاملاً للأهل والأقارب والأتباع والعشيرة؛ فقد ذكر أنبياء بأهلهم وآلهم تارة، وأقوامهم تارة أخرى.
قال النووي: "اختلف العلماء في آل النبي –صلى الله عليه وسلم- على أقوال: أظهرها –وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين- أنهم جميع الأمة.
والثاني: أنهم بنو هاشم وبنو عبدالمطلب. والثالث: أهل بيته وذريته، والله أعلم".
وقال الشوكاني: "قد ذهب نشوان الحميري –إمام اللغة- إلى أنهم جميع الأمة، ومن شعره في ذلك:
آل النبي هم أتباع ملته
من الأعاجم والسودان والعرب
لو لم يكن آله إلا قرابته
صلى المصلي على الطاغي أبي لهب
ويدل على ذلك قول أبي طالب في أبيات:
وانصر على آل الصليـــــ ب وعابديه اليومَ آلكْ
والمراد بآل الصليب أتباعه. قال: ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}غافر(46)
واحتج لهذا القول بما أخرجه الطبراني أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الآل قال: "آل محمد كل تقي".
ويؤيد ذلك معنى الآل لغة، فإنهم، كما قال في القاموس: أهل الرجل وأتباعه، ولا ينافي هذا اقتصاره –صلى الله عليه وسلم- على البعض منهم في بعض الحالات، كما تقدم".
قال الشيخ ابن باز: "المراد بالآل: أهل بيته، والصحابة كلهم آله، داخلون في الآل، أزواج النبي -ﷺ- وذريته وأصحابه كلهم داخلون في الآل، كما قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} غافر:46؛ يعني: أتباع فرعون".
من خلال تتبع لفظ (الآل) في القرآن الكريم نجد أنه ذكر سياق قريش وقرابة النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرهم بلفظ (قومك).
قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}الزخرف44
وقال: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ}الأنعام66
وقال: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}الزخرف57
وقال: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}هود49
{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}الفرقان30
من يراجع السير والأحاديث سواء في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- أو في جيل الصحابة والتابعين –رضوان الله عليهم- لن يجد البتة ما يسمى الصلاة الإبراهيمية، أو صيغة (صلى الله عليك وآلك)، أو صيغة (صلى الله عليه وآله)؛ بل كانت الصيغة المعمول بها والمتعارف عليها (صلى الله عليه وسلم)، أو (صلى عليك الله)، أو (صلى الله عليك يارسول الله).
كما لم نجد في جيل الصحابة –رضوان الله عليهم- أنهم كانوا يعظمون ويقدسون ما يسمى الآل الذين صار الناس يقدسونهم فيما بعد، ولما اعترض كثير من الصحابة على ولاية علي، ولما عارضوه وانضموا لصف معاوية، بل ولما قاتلوه في مواطن شتى.
وقبل هذا وذاك، ما وجدنا ولا إشارة بسيطة لهذا المصطلح، أو تعظيم ومدح الأسرة الهاشمية كما هو حال بقية الأسر المذكورة في القرآن الكريم؛ كآل إبراهيم، وآل عمران، وآل يعقوب، وذلك لسبب بسيط هو أن معظم قبيلته وأسرته –صلى الله عليه وسلم- عارضوه وكذبوه وبقوا على الكفر، من بينهم أحب الناس إليه (أبو طالب) الذي قال الله سبحانه وتعالى عنه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}القصص56 ، وقال عنه -صلى الله عليه وسلم-، رداً على عمه العباس حين سأله: "يَا رَسولَ اللَّهِ، هلْ نَفَعْتَ أبَا طَالِبٍ بشَيءٍ؟ فإنَّه كانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ"، قالَ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ، لَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ". صحيح البخاري؛ فهذا كان أحب الناس إليه فكيف بمن بغضه؟!
تحت هذا المصطلح ذبحت ولا تزال الإمامة تذبح اليمن واليمنيين، وتشردهم، وتدمر بيوتهم، وتنهب أموالهم، وتدك اليمن دكاً، كلما أرادت أن تنهض ظهرت الإمامة مدعية الآلية والقرابة وتريد أن تستعبد اليمنيين بها، وهذه المرة مضافاً إليها الهاشمية بشكل عام، تزييفاً للدين، وتأليهاً وأفضلية لعنصريتها، وتنصيباً لآلهة جديدة.