فضل ليلة 25 من رمضان : من ليالي القدر في ضوء القرآن والسنة

تعد ليلة 25 من رمضان واحدة من الليالي المباركة التي يتوقع فيها المسلمون وقوع "ليلة القدر"، وهي إحدى الليالي التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في العبادة خلالها. ورغم أن ليلة القدر لم تُحدد بدقة، إلا أن العلماء الثقات اجتهدوا في تحديد أيامها، وكان من بينهم من أشار إلى ليلة 25.
أولاً: ما ورد في القرآن الكريم
جاء ذكر ليلة القدر في كتاب الله العزيز في قوله تعالى:
"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" (القدر: 1-5).
وقد بيّن الله عز وجل في هذه الآيات عظمة هذه الليلة، وأنها خير من ألف شهر، مما يدل على أن عبادة هذه الليلة أفضل من عبادة 83 عامًا. هذه الليلة هي فرصة عظيمة للمؤمنين للتوبة والرجوع إلى الله، ولذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (رواه البخاري).
ثانياً: تحديد ليلة القدر
ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" (رواه البخاري).
وقد اختلف العلماء في تحديد هذه الليلة على وجه التحديد، لكن التوجه السائد بين العلماء هو أنها تكون في العشر الأواخر من رمضان، وخاصة في الليالي الوترية (21، 23، 25، 27، 29). ولعل ليلة 25 من رمضان تُعد من الليالي المحتمل أن تكون فيها ليلة القدر، بناءً على بعض أقوال الصحابة والتابعين.
ثالثاً: أعمال ليلة 25 من رمضان
تتميز ليلة 25 من رمضان بكونها من الليالي المحتمل أن تكون فيها ليلة القدر، وبالتالي يُستحب فيها الإكثار من العبادة والتقرب إلى الله. ومن أبرز الأعمال المستحبة في هذه الليلة:
1. القيام والصلاة: من أهم الأعمال في ليلة القدر هي صلاة التراويح والتهجد. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه" (رواه البخاري). ويستحب للمسلم أن يحيي هذه الليلة بالصلاة، سواء بالقيام في المسجد أو في بيته.
2. الدعاء والذكر: من أهم ما يُستحب في ليلة القدر الدعاء، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" (رواه الترمذي). ويجب على المسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، فالله عز وجل قريب يجيب دعوة الداعي.
3. قراءة القرآن الكريم: من الأعمال المباركة في هذه الليلة تلاوة القرآن الكريم. وقد بيّن العلماء أن تلاوة القرآن في هذه الليلة تعد من أرفع أنواع العبادة، وذلك لفضل هذه الليلة العظيم.
4. الاعتكاف: يُستحب للمسلم أن يعتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، حيث كانت عادة النبي صلى الله عليه وسلم. الاعتكاف يساعد المسلم على التفرغ للعبادة والطاعة بعيدًا عن مشاغل الدنيا.
رابعاً: أقوال العلماء عن ليلة 25 من رمضان
قال الإمام النووي رحمه الله: "ليلة القدر تكون في العشر الأواخر، وفي الوتر منها أقوى، والراجح عند كثير من العلماء أن ليلة القدر تكون في السبع الأواخر، وقد ورد عن بعض الصحابة أنهم رجحوا ليلة 25". كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، والليالي الوترية فيها هي الأكثر احتمالًا، ومنها ليلة 25".
وقد أشار بعض العلماء مثل ابن عباس رضي الله عنهما إلى أنه يفضل المسلم الاجتهاد في العبادة في الليالي العشر كلها، لأن ليلة القدر قد تكون في أي منها. وعليه، فإنه من الأفضل أن يحرص المسلم على الاجتهاد في العبادة طوال العشر الأواخر من رمضان.
خامساً: كيفية الاستفادة من ليلة 25 من رمضان
على المسلم أن يغتنم ليلة 25 من رمضان بما يرضي الله عز وجل. فيمكنه أن يقيم صلاة الليل، ويكثر من الدعاء والذكر، ويختم القرآن الكريم إن استطاع. كذلك، لا ينبغي للمسلم أن يغفل عن التوبة الصادقة، والتقرب إلى الله بالتصدق على المحتاجين، والقيام بالأعمال الصالحة.
إن ليلة 25 من رمضان تعد من الليالي المباركة التي ينتظرها المسلمون بكل شوق، فهي فرصة عظيمة للفوز بمغفرة الله عز وجل. وعلى المسلم أن يجتهد في العبادة في هذه الليلة، وأن يعكف على الصلاة والدعاء والتوبة، لعل الله سبحانه وتعالى يكتب له فيها من رحمته وفضله.