”تصفية الحسابات: هل بدأت مرحلة الانهيار الداخلي للحوثيين؟”

في ظل التصعيد العسكري المستمر بين القوات الحكومية والحوثيين، وما يصاحب ذلك من ضربات جوية أميركية تستهدف مواقع الجماعة، برزت مؤخراً ظاهرة جديدة تمثلت في تصاعد وتيرة الاغتيالات والتصفية الجسدية لمشرفي الجماعة الحوثية داخل مناطق سيطرتهم. وتشير الإحصائيات إلى تسجيل 7 حوادث قتل خلال شهر واحد فقط، وقعت في محافظات صنعاء وإب والبيضاء وصعدة، وسط دوافع تتنوع بين الانتقام الشخصي والخلافات البينية.
آخر الحوادث: مصرع مشرف حوثي في عمران
أحدث هذه الحوادث كان في منطقة خيوان بمديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، حيث لقي المشرف الأمني الحوثي "علي مكيك العيدي"، المعروف بكنية "أبو أسد"، مصرعه على يد مسلحين من قرية "الثماثمة". جاءت هذه الجريمة انتقاماً من حملة عسكرية واسعة نفذها المشرف ضد القرية، والتي أدت إلى مقتل أحد وجهائها البارزين.
رد الجماعة لم يتأخر، إذ فرضت حملة أمنية مسلحة بقيادة "أبو علي سمير"، المعين مديراً لأمن حرف سفيان، حصاراً خانقاً على القرية، مع استخدام الأسلحة الثقيلة لقصف المنازل، في محاولة لإرغام الأهالي على تسليم 10 أفراد كرهائن. لكن الأهالي رفضوا الانصياع لهذه المطالب، مما زاد من حدة التوترات في المنطقة.
إب: مقتل معمم حوثي بسبب محاضرة طائفية
وفي محافظة إب، شهدت مديرية الرضمة حادثة أخرى تمثلت في مقتل المشرف الثقافي الحوثي "سلمان الورد"، الذي لقي مصرعه على يد مسلح أثناء إلقائه محاضرة تعبوية طائفية في مسجد قرية "المورح". وأثارت المحاضرة غضب السكان المحليين بسبب إساءتها لمعتقداتهم الدينية، ما دفع أحدهم إلى إطلاق النار عليه.
على الفور، شنت الجماعة الحوثية حملة أمنية واسعة النطاق في المنطقة، مستخدمة طواقم عسكرية ومسلحين، بهدف القبض على الجاني ومن يقفون وراءه. ومع ذلك، فإن هذه الحملة لم تؤدِ إلا إلى زيادة الاستياء الشعبي ضد الجماعة.
صنعاء: مقتل قيادي ميداني في ظروف غامضة
في العاصمة صنعاء، شهدت الأيام الأولى من شهر مارس (آذار) الحالي مقتل القيادي الميداني الحوثي "أبو صقر"، المشرف السابق على جبهة "الأعيرف" جنوب محافظة مأرب. عُثر على جثته داخل سيارته بالقرب من منزله في منطقة حزيز جنوب المدينة، وسط تكتم شديد حول ملابسات الحادثة.
تشير التحقيقات الأولية إلى أن الخلافات المتصاعدة بين "أبو صقر" وقيادات أخرى من صعدة كانت الدافع وراء تصفيته، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الدعم المقدم للجبهات العسكرية. كما تتهمه الجماعة بالتخلف عن تنفيذ تعليماتها المتعلقة بالتحركات الميدانية.
حادثة أخرى في صنعاء: اغتيال قيادي بتهمة التحرش
وفي حادثة أخرى مشابهة، تعرض القيادي الحوثي "يحيى زبارة" للاغتيال في حي دارس شمال صنعاء، على يد مسلح قبلي. وجاءت هذه الجريمة بعد اتهام القيادي بالتحرش بإحدى قريبات المسلح، وهو ما أثار غضباً عارماً لدى أبناء القبيلة.
صعدة: مقتل قيادي إعلامي
وفي محافظة صعدة، لقي القيادي الحوثي "عيسى عاطف"، الذي يحمل رتبة عقيد ويتولى منصب مدير عام مكتب الإعلام الخاضع للحوثيين، مصرعه على يد عنصر أمني في الجماعة بمنطقة "المهاذر" التابعة لمديرية سحار. ولا تزال جثة القيادي في ثلاجة مستشفى المهاذر، بينما لم تعلن الجماعة أي تفاصيل حول ملابسات الحادثة أو مصير الجاني الذي لاذ بالفرار.
البيضاء: اغتيال قيادي متورط بجريمة قتل
وفي محافظة البيضاء، شهدت مدينة رداع مقتل القيادي الحوثي "إسماعيل الريدي"، المعروف بكنية "أبو مالك"، مع اثنين من مرافقيه في ظروف غامضة. وسبق للريدي أن تورط في قتل شاب يدعى "علوي سكران"، بعد أن دهسه بدورية عسكرية حوثية في سوق المدينة وسحب جثته وأطلق عليها النار.
تضاربت الأنباء حول ملابسات الحادثة، حيث أشارت بعض المصادر إلى أنه قُتل برصاص مسلحين مجهولين، بينما رجحت أخرى أن تكون قيادات حوثية قد تخلصت منه في محاولة لامتصاص غضب رجال القبائل في المنطقة.
تحليل: شرخ داخلي وصراعات متصاعدة
تؤكد هذه الحوادث المتتالية وجود شرخ داخلي عميق داخل صفوف الجماعة الحوثية، حيث تزايدت الخلافات بين القيادات على خلفية توزيع الموارد والدعم العسكري، بالإضافة إلى الانتهاكات التي تمارسها الجماعة ضد المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وتكشف هذه الاغتيالات عن حالة من التوتر والانقسام الداخلي، قد تؤدي إلى تآكل قوة الجماعة وتعقيد المشهد السياسي والعسكري في اليمن.