واشنطن تفتح فصلًا جديدًا في التعامل مع الحوثيين.. ودعوات لاستراتيجية شاملة تنقذ اليمن من أزمته المستمرة

أكد المستشار السعودي لشركة "أرامكو"، صالح العماري، عبر تغريدة له على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، أن التصعيد العسكري الأمريكي الأخير ضد جماعة الحوثيين في اليمن يعكس حالة "الغيبوبة السياسية" التي تعاني منها الجماعة. وأشار العماري إلى أن تصرفات الحوثيين تكشف عن جهل واضح بأبجديات العلاقات الدولية، مؤكدًا أنهم لا يزالون يظهرون كأداة إيرانية تتحرك ضمن أجندات طهران الإقليمية.
تأتي هذه التطورات بعدما أطلقت الولايات المتحدة سلسلة ضربات جوية ضد مواقع الحوثيين، في خطوة تُعتبر انعكاسًا مباشرًا لقرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بإعادة تصنيف الجماعة كـ"منظمة إرهابية أجنبية". هذا القرار أنهى بذلك السياسة التي انتهجتها إدارة الرئيس جو بايدن بشطب الحوثيين من القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية، وهو ما كان محل انتقاد شديد من قبل العديد من الأطراف الإقليمية والدولية.
ضربات أمريكية جديدة: رسالة واضحة لإيران والحوثيين
شدد العماري على أن الضربات الأمريكية تمثل بداية مرحلة جديدة في التعامل مع الحوثيين، مشيرًا إلى أنها تأتي في وقت حرج بالنسبة لليمن الذي يعاني منذ استيلاء الجماعة على العاصمة صنعاء في عام 2014. وأوضح أن نجاح هذه الضربات في إضعاف الحوثيين يتطلب استراتيجية أمريكية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الداخلي المعقد لليمن، وتتعاون بشكل وثيق مع السعودية والإمارات لدعم الحكومة الشرعية ودفع الحوثيين نحو السلام.
ولفت العماري إلى أن أي جهود دولية أو إقليمية يجب أن تكون موجهة نحو إنهاء الحرب الأهلية المستمرة في البلاد، والتي خلفت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. ومع ذلك، حذر من أن غياب رؤية واضحة قد يؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب اليمني، خاصة إذا لم يتم التعامل مع القضية بحذر ودقة.
انتقادات لحزب الإصلاح: دور مثير للجدل في المشهد السياسي اليمني
في سياق متصل، وجه العماري انتقادات لاذعة لحزب الإصلاح اليمني، أحد الفصائل السياسية الرئيسية في البلاد. ووصف الحزب بـ"الطائفة السياسية" التي تعمل لمصالحها الضيقة بدلاً من العمل من أجل الوطن، مما يجعل الثقة بهم صعبة في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه اليمن. وأكد أن نجاح أي استراتيجية مستقبلية يعتمد بشكل كبير على قرارات واشنطن القادمة، وعلى قدرتها في التعامل مع الأطراف المختلفة بطريقة تحدّ من نفوذ الحوثيين وتخفف من معاناة الشعب اليمني.
التوازن بين الضغط العسكري والحل السياسي
يشير مراقبون إلى أن الضربات الأمريكية الأخيرة تحمل رسائل قوية لكل من الحوثيين وإيران، لكنها في الوقت ذاته تحتاج إلى دعم سياسي وإنساني لتحقيق أهدافها بعيدًا عن الحلول العسكرية فقط. ويؤكد الخبراء أن النجاح في إنهاء الأزمة اليمنية يتطلب تعاونًا دوليًا وإقليميًا واسع النطاق، مع التركيز على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن السعودية والإمارات تلعبان دورًا محوريًا في أي جهود مستقبلية لحل الأزمة اليمنية، حيث يتعين عليهما تقديم الدعم الكامل للحكومة الشرعية، مع العمل على بناء الثقة بين مختلف الأطراف اليمنية.
دعوة لتحرك أمريكي أكثر جدية
في نهاية تغريدته، أكد العماري أن القرارات الأمريكية المستقبلية ستكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث في اليمن. وأشار إلى أن واشنطن أمامها فرصة تاريخية لتصحيح المسار وتحقيق السلام في اليمن، لكن ذلك يتطلب اتباع سياسات تأخذ بعين الاعتبار معاناة الشعب اليمني، وتحدّ من النفوذ الإيراني في المنطقة.
ختامًا، يبقى الوضع في اليمن معقدًا ومتشابكًا، حيث تتقاطع فيه المصالح الإقليمية والدولية مع أزمات داخلية عميقة. وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة ترتيب أولوياتها في المنطقة، ينتظر اليمنيون بفارغ الصبر خطوات فعلية تنهي معاناتهم المستمرة منذ سنوات.