الخميس 6 فبراير 2025 06:09 مـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

الفخ الذهبي

الأربعاء 12 يوليو 2023 09:59 صـ 24 ذو الحجة 1444 هـ

خفق قلبي من الفرحة حين رأيت ذلك القلم الذهبي الفاخر في طريقي .!

نظرت أمامي وخلفي ، لا أحد ، أخذته ومسحت بعض التراب الذي علق فيه ووضعته في جيبي .

ورغم فرحي به فقد داهمني تساؤل مخيف :

ـ ماذا لو أن هذا القلم يحتوي قنبلة صغيرة أو متفجر ؟!

أخرجته وفتحته ثم كتبت به على يدي فتدفق الحبر الأسود ، لقد اطمئن قلبي .

جاءني اتصال من صديق ، بقينا نتحدث حتى نسيت القلم .

قبيل منتصف الليل بدأت أحك يدي بشكل بسيط ثم تزايدت الحكة بشكل غريب ، نظرت إلى يدي فإذا هي محمرة وقد بدت تتورم .!

تذكرت القلم .

أخذته بخرقة ثم اتصلت بطبيب صديقي ، أخبرته بقصة القلم فأشار علي بالذهاب إلى طبيب جلدية فورا فقد يكون القلم مسموم .

سألته :

ـ أين سأجد طبيب جلدية في هذا الوقت ؟

صمت قليلا ثم قال لي :

ـ لا تخف قد يكون صاحب القلم مصابا بحساسية ، انتقلت إليك بالملامسة ، خذ مرهم مهدئ ، إذا تواصلت الحكة إلى الصباح اذهب للطبيب .

ذهبت إلى الصيدلية أخذت مرهم ودهنت به يدي ، خفت الحكة ، لكن الورم واصل انتشاره ، يدي تثقل ويزداد الورم فيها بشكل مخيف .

أصبت بحمى شديدة وغثيان ، تقيأت كثيرا .

فمي جاف ولساني كأنه خشبة ، عطش شديد ، أشرب ولا أرتوي .

ليت يدي قطعت ولم تمتد لهذا القلم المسموم ، لقد نصبوا لي فخا ذهبيا بعناية ، اغتيال نظيف .!

حين عدت من الحمام لمحت وجهي في المرآة ، وجهي قد تورم هو الآخر وصار ككرة حمراء ، بقع سوداء ظهرت فيه ، نظرت إلى جسمي ، البقع السوداء تنتشر في كل جسمي والورم يتواصل .

يبدو أنها ليلتي الأخيرة .!

وكمقاومة أخيرة قررت أن أذهب إلى القاضي الذي يسكن في الطابق الأعلى لينقلني للمستشفى .

الوقت متأخر لكنني مضطر ، سأذهب إليه وليكن ما يكون .

طرقت الباب بقوة ثم سقطت في غيبوبة ، ولم أعد أذكر ما حدث .

في ظهر اليوم التالي أفقت في عالم آخر .

جسدي المتورم ممداً على فراش بسيط على أرض ، في منزل قديم جدرانه من الطين وسقفه من أعود الشجر ، لا أحد بجواري .

أدركت أن جارنا القاضي جاء بي إلى هنا حتى أموت بعيدا عنه ، لا يريد أن يلبس تهمة ، قاضي ويعرف القانون وقد أحتاط لنفسه .

حاولت التحرك لكنني لم أستطع ، أجمعت كل قواي لأصرخ لكنني لم أستطع ، كل ما قدرت عليه هو :

ـ آآآه

لساني ثقيل ، صرت عاجزاً عن الحركة والنطق لكنني ما زلت أرى وأفكر .

ـ هل هذا هو الموت ؟

تفكر وترى كل شيء ولكنك عاجز عن الحركة .

عندما أقبلت امرأة عجوز وثلاثة شباب يحملون قدورا مغطاة فرحت ، لقد تأكدت أنني لم أمت ، لا لن تكون هذه حورية ولا هؤلاء من غلمان الجنة ، سأظلمهم أيضا إن قلت أنهم من زبانية النار ، ابتسمت العجوز قائلة :

ـ أنت بخير ، علاجك سيأخذ بعض الوقت .

وأضافت :

ـ لا تتوتر ولا تخف ، عليك أن تهدأ ، وأذكر الله كثيرا وأطلب منه الشفاء .

ظننت أنهم جاؤوا بالطعام لكنهم نزعوا ملابسي كلها ، دهنت العجوز جسمي بمادة خضراء لزجة ، ثم وضعت فوقي غطاء خفيف وتركوني ومضوا .

أحسست بجسمي يبرد كأنني في ثلاجة ، لقد ذهبت الحكة والحمى والصداع ، لكنني ما زلت أشعر بأن جسمي ثقيل ولا أستطيع أن أحرك حتى أصبع يدي .

لقد فرحت بأنني ما زلت على قيد الحياة ، وأنني سأعالج من ذلك السم الغريب ، لكن أين أنا ؟ ومن هذه المرأة ؟

قطعت تساؤلاتي عودة العجوز ومعها امرأة ، أجلستني المرأة ، ثم سقتني العجوز ببطء كأسا من الحليب ثم خرجتا .

بعد ساعة عادت العجوز ومساعدتها بكأس من الأعشاب الخضراء لأشربه ، كان مراً لكنني تجرعته ، لو جاءتني هذه العجوز بأي شراب حتى ولو كان بول بقرة لشربته ، أريد أن أتعافى بأي شيء.

كانت عيناي تحملقان بالسقف حين مر عنكبوت ، تابعته حتى غاب عن عيني ، بعد دقائق عاد وبدأ ينسج خيوطه فوق رأسي تماما .

عند الظهيرة جاءت بقرص عسل وعليه النحل ، تأخذ النحلة وتضعها على يدي فتلسعني وتموت ، عشر لسعات كل يوم ، وفي اليوم العاشر بدأت أتحدث وأتحرك .

قالت لي :

ـ عندما جاء بك القاضي كنت شبه ميت تتنفس ببطء ، كان قلقا مذعورا قال : " الرجل هذا رمى نفسه بباب بيتي ، يبدو أن هناك من سممه أو من يريد أن يلبسني تهمة قتله " .

هدأت من خوفه ووعدته أن عالجك .

وأضافت :

ـ القاضي صهري زوج بنتي .

شكرتها ودعوت لها وبعد أيام بدأت أمشي . لقد تعافيت بفضل الله ثم بعلاج تلك المرأة ، لقد نجوت من الموت بأعجوبة .

حينما عدت ورآني الطبيب صديقي صعق وقال وهو غاية الارتباك والدهشة :

ـ أكيد تعالجت في ألمانيا ؟

وأضاف :

ـ مش معقول أن عندنا مستشفيات حديثة تعالج ذلك السم الخطير .

قلت له :

ـ تعالجت في دولة أحدث من ألمانيا ، لقد تعالجت في ريمة .!

لم يصدق صديقي الطبيب القصة التي أخبرته بها ، لقد أقسم أنني أمزح ، وما يزال يصر حتى اليوم أنني ذهبت إلى ألمانيا للعلاج .!

*قصة قصيرة