الثلاثاء 4 مارس 2025 01:25 صـ 5 رمضان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

التجاذبات حول الصحابة رضي الله عنهم!!

الثلاثاء 21 فبراير 2023 09:33 صـ 1 شعبان 1444 هـ

شيء محزن أن يتحول الصحب الكريم إلى مادة يلهو بها الصبيان على أطراف المدينة، ينتقصون شخصياتهم، ويهدمون مناقبهم، ويلهبون ظهورهم بألسنة حداد.

طالعت ما كتبه الأخ الكريم عارف محمد بحيبح وغيره عن شخصية الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان فوجدت خلطًا واضحًا بين الموقف والشخص، بين الاعتراض على الموقف والجناية على الشخصية.

وآخرون صنعوا مثل ذلك في شخصية الصحابي الجليل علي بن أبي طالب. وامتدت التجاذبات ونشطت عمليات الاصطفاف. ومن المهم أن نؤسس لمنهجية صارمة في نقد المواقف وحفظ سلامة الأشخاص.

إذا نقد أحدكم موقفًا للصحب الكريم (فليقدس المبادئ، ويحتفظ بمكانه الأشخاص) وليفصل بين الشخص والمبدأ، فإن جيل الصحابة يمثل جيل التأسيس في تاريخ الإسلام ومحاولة هدمهم هو هدم للقيمة الحضارية التي شادوها برفقة النبي الكريم. وما صدر من خطأ مواقفهم، وعور اجتهاداتهم فيحجم في أضيق مساحاته دون انتقاص بهم أو تشهير. فلقد وضعهم النبي الكريم موضع الخطر، وحذر سبهم لسابقتهم وضخامة جهودهم في التشييد.

وحين امتنع العلماء عن الإيغال في تناول خلافاتهم أمام العموم، فإنما امتنعوا خوفا أن يصبح الأشخاص مادة للثلب والسب، ويتعدى نقد المواقف إلى تجريم الأشخاص، فقالوا: (تلك دماء عصم الله منها سيوفنا فلنعصم منها ألسنتنا) إذ أدركوا أن مشاعر القارئ والمتحدث ليست تحت تصرفه، وستؤدي به للتعرض غير المباشر لشخصياتهم.

لا إشكال أن نمضي في قراءة مواقفهم قراءة نقدية واعية تفد من التجربة وتطور الأدوات وتقرأ النتائج كما صنع الحسن البصري وابن تيمية والشنقيطي وكثيرون، لكن مع احترام الأشخاص وتعظيم مكانتهم.

ولقد قرر القرآن الكريم قاعدة منهجية دقيقة في قراءة تجارب الأمم وسابق أحداثها، يقول ﴿تِلكَ أُمَّةٌ قَد خَلَت لَها ما كَسَبَت وَلَكُم ما كَسَبتُم وَلا تُسأَلونَ عَمّا كانوا يَعمَلونَ﴾ [البقرة: ١٣٤]، الاستفادة من تلك التجارب في تطوير أدائنا ورسم مسلكياتنا وتنكب طرق مهاويهم، دون الإغراق في محاكمتهم وتحمل تبعات جرائر كسبهم، واستجرار صراعاتهم وإعادة تدويرها، واستدعاء السجالات الفارغة في تبني مسلكيات سيرهم،

إن هذا التقعيد القرآني يقول: لسنا مسئولين عن الكسب الإنساني المنصرم.

فقط علينا التركيز على تجربتنا الحاضرة، فهي الواقعة في دائرة الحكم التكليفي وتحت مطارقها يقبع الثواب والعقاب، ونتائج ما قد سلف هي منجزات كسبهم وتكليفهم.