الإثنين 14 أبريل 2025 08:05 مـ 16 شوال 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

أحداث مطروح.. ماذا يحدث بين القبائل والشرطة

الأحد 13 أبريل 2025 11:11 صـ 15 شوال 1446 هـ
أحداث مطروح
أحداث مطروح

تتصاعد الأحداث في بلدة النجيلة بمحافظة مرسى مطروح المصرية، عقب مقتل ثلاثة من رجال الشرطة خلال مداهمة جرت في 9 أبريل للقبض على شخص محكوم عليه بالسجن 35 عامًا. ووفقًا لتقارير محلية، اعتقلت قوات الأمن نحو 20 سيدة من أقارب المشتبه بهم في خطوة وُصفت بأنها وسيلة ضغط غير قانونية، ما أثار غضبًا واسعًا بين السكان.

شهود عيان أفادوا لموقع "زاوية ثالثة" أن الشرطة اقتحمت المنازل فجرًا واعتقلت سيدات مسنّات وربات بيوت لا علاقة لهن بالقضية. وتدخل شيوخ وعقلاء من المجتمع المحلي، معربين عن رفضهم لما وصفوه بأسلوب أمني قديم وغير قانوني.

الداخلية تنفي والشهود يؤكدون

وزارة الداخلية نفت في بيان رسمي وقوع تلك الاعتقالات، ووصفت التقارير بأنها "مفبركة"، محذرة من نشر "معلومات كاذبة". إلا أن العديد من الشهود أكدوا وقوع الاعتقالات، واعتبروها شكلًا من أشكال العقاب الجماعي.

رئيس نقابة المحامين الأسبق والمحامي الحقوقي ممدوح دربالة، أكد أن 23 سيدة تم اعتقالهن بعد تبادل إطلاق النار، ولم يُفرج سوى عن 19 منهن بعد تدخلات قانونية وضغط شعبي، فيما لا تزال أربع سيدات رهن الاحتجاز.

مقتل مراهقين بعد تسليم نفسيهما طوعًا

وبعد استمرار احتجاز قريباتهم، سلّم مراهقان نفسيهما للشرطة عبر وساطة مجتمعية رغم عدم علاقتهما بالقضية، وهما يوسف عيد فضل السرحاني (17 عامًا) وفراج رباش الفزاري (18 عامًا).

لكن في تطور صادم، نُقل المراهقان إلى أطراف مدينة السلوم من قبل الشرطة وأُعدما، بحسب روايات شهود وقادة مجتمعيين. وأثار الحادث غضبًا واسعًا، إذ اتهم السكان السلطات بخرق الاتفاق وقتل شابين بريئين.

وزارة الداخلية زعمت أن الشابين "مجرمان خطران" متورطان في مقتل الضباط، وقُتلا خلال تبادل لإطلاق النار. إلا أن عشرة من سكان المنطقة، من بينهم مشاركون في الوساطة، أكدوا براءة الشابين من أي علاقة بالحادثة.

تزايد فقدان الثقة بين المواطنين والدولة

رغم حزن الأهالي على مقتل الضباط، شددوا على ضرورة أن يكون العقاب فرديًا لا جماعيًا. وقال أحد السكان: "احتجاز النساء دون تهم يمثل انتهاكًا للقانون ولأبسط حقوق الإنسان".

الناشط الحقوقي نور خليل استحضر واقعة مشابهة عام 2023 في النجيلة، حيث اعتُقلت نساء بلا مبرر. وأشار إلى نمط مستمر من الانتهاكات في المناطق الحدودية مثل مطروح والسلوم والنجيلة، من بينها اتهامات فضفاضة وأساليب قهرية واحتجازات تعسفية.

وشارك خليل في حملة إلكترونية بعنوان "#مش_الستات" للتنديد بتلك الممارسات، محذرًا من تداعيات خطيرة تشمل نشوب نزاعات قبلية وتآكل الثقة بين الدولة والمواطنين.

الأساليب الأمنية تهدد الاستقرار

وأكد خليل أن أي انتهاك بحق النساء يُعد بالغ الحساسية في المجتمعات البدوية، مستشهدًا بمداهمات للمنازل واستخدام صور للترويع النفسي. واعتبر أن هذه الأساليب تقوض شرعية الدولة.

وفي مناطق حدودية تعاني أصلاً من الإخلاءات القسرية وتوقيفات مرتبطة بالتهريب نتيجة الفقر، قد تؤدي هذه الأساليب القمعية إلى مزيد من الاضطرابات. وحذّر من انفجار وشيك للعنف ما لم تبدأ الدولة في استعادة الثقة وفتح قنوات التواصل.

خبراء قانونيون: عودة لأساليب ما قبل 2011

المحامي الحقوقي ياسر سعد اعتبر ما جرى عودة إلى أساليب أمنية قمعية تعود لما قبل ثورة يناير. وقال إن السلطة المطلقة الممنوحة لوزارة الداخلية تُسهّل الانتهاكات المنهجية، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين، بمن فيهم وزير الداخلية.

أما رئيس نقابة المحامين بمطروح، عادل علي العبد، فأصدر بيانًا ندد فيه بمقتل الضباط وبالاعتقالات التعسفية، مطالبًا بفتح تحقيق فوري والإفراج عن المحتجزين دون سند قانوني.

أزمة قانون وثقة

تكشف أحداث النجيلة عن تحول خطير: من تنفيذ القانون إلى انتهاكه من قِبل من يُفترض بهم حمايته. وبدلًا من التهدئة عبر إجراءات شفافة وقانونية، ساهمت التصرفات الأمنية الأخيرة في تعميق الأزمة، وهددت السلم المجتمعي في منطقة هشة.