الأربعاء 2 أبريل 2025 02:03 صـ 4 شوال 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

عيد اليمن.. واقع مرير يرسم معاناة الأسر بين البذخ والفقر المدقع

الإثنين 31 مارس 2025 10:02 صـ 2 شوال 1446 هـ
العيد في اليمن
العيد في اليمن

مع حلول عيد الفطر، تتجدد مشاعر الفرح والبهجة لدى الكثيرين حول العالم، إلا أن الحال في اليمن يبدو مختلفًا تمامًا. فبينما يستعد البعض للاحتفال بالعيد وسط أجواء من البذخ والترف، يعيش غالبية الشعب اليمني واقعًا مريرًا، حيث أصبح العيد بالنسبة لهم مجرد مناسبة مؤلمة يحاولون فيها تجاوز الخسائر النفسية بأقل قدر ممكن من المعاناة.

التفاوت الطبقي: صورة مؤلمة للواقع

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد منذ سنوات، تبرز صورة مؤلمة للتفاوت الطبقي الكبير بين فئات المجتمع اليمني. بينما ينفق بعض الميسورين أموالًا طائلة على الملابس الجديدة والرحلات الترفيهية وولائم العيد، يعجز آخرون عن توفير حتى أبسط متطلبات العيد لأطفالهم، مثل شراء بدلة جديدة أو تناول وجبة عشاء بسيطة.

وفي هذا السياق، كتب الناشط "يوسف العباسي" منشورًا مؤثرًا عبر صفحته على فيسبوك، روى فيه كيف تغيرت حياة اليمنيين بشكل جذري خلال السنوات الأخيرة. يقول العباسي: "في الماضي، كان الجميع قادرًا على الترفيه عن أسرته، حتى لو بفارق بسيط في الإمكانيات. أما اليوم، فقد أصبح كثيرون لا يجدون حتى أجرة المواصلات لزيارة حديقة عامة، ناهيك عن شراء وجبة لأطفالهم، فيما سيمضي العيد على بعضهم دون أن يتمكنوا من شراء بدلة واحدة لأولادهم".

وأضاف العباسي بحزن عميق: "هذه ليست مجرد قصة، بل هي واقع يومي يعيشه الملايين من أبناء شعبنا. لقد أصبح العيد بالنسبة لكثيرين مجرد مناسبة يحاولون فيها تجاوز الألم وعدم الشعور بالغصة في قلوبهم".

رسالة إلى الميسورين: "جبر الخواطر من أعظم الأمور"

وجه العباسي رسالة مؤثرة إلى ذوي الدخل المرتفع والميسورين، داعيًا إياهم إلى مراعاة مشاعر الآخرين وعدم التباهي بما لديهم أمام الفقراء. يقول في رسالته: "علموا أولادكم عدم التباهي بملابسهم الجديدة أمام أصدقائهم، ولا تنشروا صور رحلاتكم وموائدكم على مواقع التواصل الاجتماعي، فهناك أطفال جوعى وآباء مكسورون يتمنون فقط مرور العيد بسلام. أفرح مع أسرتك، لكن لا تكسر خاطر صديقك أو جارك، فجبر الخواطر من أعظم الأمور. الأيام دول، فلا تغتر، فقد تزول النعمة في لحظة. فليكن شعارك في العيد: من تواضع لله رفعه".

واختتم العباسي منشوره بنداء عاجل: "أنا لا أريد أن أُكدر فرحتكم، لكن العيد قد ينسينا الفئات الأشد فقرًا، وهم كُثر اليوم، لذلك وجب التذكير بمراعاة مشاعرهم".

تعز المحاصرة: "جزر الأميرات بعيدة المنال"

وفي سياق متصل، وجه الناشط "طلال الشرجبي" انتقادات حادة لبعض الإعلاميين اليمنيين المقيمين في تركيا، بعد أن نشر أحدهم دعوة لأصدقائه للخروج في نزهة إلى جزيرة الأميرات في إسطنبول. واعتبر الشرجبي أن هذه الدعوة بمثابة "نثر الملح على الجراح المفتوحة"، خاصة وأن مدينة تعز لا تزال تعاني من الحصار والدمار.

كتب الشرجبي في منشوره: "لم يعد حلمنا السفر إلى تركيا أو الإمارات، فقد تحولت تعز إلى جزيرة محاصرة، يمنعنا عنها الموت والجوع والرصاص. حلمنا الوحيد اليوم هو أن تُفتح المعابر، ويكسر الحصار، ليعود شمل الأسر الممزقة، ويعيش أطفالنا حياة طبيعية دون أن تقتلهم رصاصات القناصة".

وأضاف بأسى: "عشرة أعياد مرت وأطفالي يسألونني: متى نذهب إلى حديقة دريم لاند؟ فأصمت وأبتلع وجعي، ليجيبهم أخوهم الأكبر: عندما تتحرر تعز، وعندما يموت القناص!".

رسالة مؤثرة إلى "رواد جزيرة الأميرات"

وجّه الشرجبي رسالة مؤثرة إلى زملائه الإعلاميين في تركيا، قائلاً: "عندما تصلون إلى جزيرة الأميرات، أخبروا الأميرات هناك أن أطفال تعز يرسلون لهن تحايا السلام، لأنهم لا يستطيعون مشاركتهن فرحة العيد. فقط نرجوهن أن يأتين في الأحلام ليأخذن أطفالنا في رحلة قصيرة لبضع دقائق، علّ ذلك يرمم أرواحهم المتعبة، ويمسح آثار القذائف والبارود من طفولتهم التي دمرها الحصار والحرب".

واختتم منشوره بكلمات مؤثرة: "هذه أمنيات أطفال تعز، الذين خنق الحصار أحلامهم، ومزّق آمالهم أعداء الحياة والإنسانية.. والله غالب على أمره".

رسالة للمجتمع: التكاتف في زمن الأزمات

تعكس هذه المنشورات الواقع المؤلم الذي يعيشه اليمنيون، وتؤكد الحاجة الملحة للتكاتف والتراحم بين أفراد المجتمع، خاصة في أوقات الأزمات.

فالعيد ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو فرصة لإعادة بناء الروابط الإنسانية وإحياء قيم التضامن والتكافل، خاصة بين القادرين وأصحاب الحاجة.

إن ما يحتاجه اليمنيون اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تكاتف الجهود لنشر ثقافة التعاطف والمساندة، ولجعل العيد فرصة لإدخال البسمة على قلوب الأطفال والأسر التي أنهكتها الحرب والمعاناة.