الثلاثاء 25 مارس 2025 11:37 مـ 26 رمضان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

”مأساة مختطفي الشمال في سجون الانتقالي في عدن... صحفي يكشف عن جانب مظلم ويدعو لوقفة إنسانية”

الإثنين 24 مارس 2025 04:25 صـ 25 رمضان 1446 هـ
الانتقالي الجنوبي
الانتقالي الجنوبي

في تقرير استثنائي، كشف الصحفي أحمد ماهر عن ممارسات قاسية وغير إنسانية تُرتكب بحق أبناء المحافظات الشمالية في سجون تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بعدن.

التفاصيل التي نقلها ماهر، الذي قضى أكثر من عامين ونصف في السجن، تسلط الضوء على معاناة عشرات المعتقلين الذين يقبعون في ظروف بالغة السوء، دون أي تهم واضحة أو اعتراف رسمي بهم.

"عنبر 6"... مأساة منسية داخل أسوار "بئر أحمد"

داخل سجن الحزام الأمني المعروف باسم "بئر أحمد"، يوجد عنبر يحمل الرقم 6، وهو مخصص لأبناء المحافظات الشمالية. هنا، كما يقول ماهر، تنقسم القصص إلى فئتين متناقضتين تمامًا. الأولى تتعلق بعناصر الحوثيين الذين أُسروا في الجبهات، والثانية تشمل المدنيين الذين اختطفوا من الشوارع والنقاط العسكرية لمجرد أنهم من الشمال.

الحوثيون، بحسب ما ذكر الصحفي، كانوا يتلقون مبالغ مالية شهرية وأسبوعية داخل السجن، ويحظون برعاية خاصة من أحد السجناء البارزين، عبد الواسع السقاف أبو هيثم، الذي كان بمثابة "مرجع" للجميع. كانت علاقتهم جيدة مع الحراس العسكريين، حيث كانوا يقدمون المساعدات المالية للأفراد الآخرين داخل السجن، مما أكسبهم نوعًا من الاحترام والتقدير. ومع صفقات تبادل الأسرى، تم الإفراج عنهم جميعًا.

أما الفئة الأخرى، وهي الأكثر بؤسًا، فتضم العشرات من المدنيين الذين لا يعرف لهم الحوثي ولا الشرعية أي مكانة. هؤلاء يعانون من ظلم فادح، إذ لا زيارات عائلية، ولا دعم مالي، ولا حتى محاكمات قانونية. يقول ماهر إنهم يعيشون في حالة من القهر والانتظار العبثي، يتساءلون باستمرار عن موعد خروجهم أو إدراجهم في صفقة تبادل.

معاناة يومية... بين الجوع والإهمال

يصف ماهر الحالات الإنسانية داخل عنبر 6 بكلمات مؤثرة. هناك نحو 20 شخصًا يعانون من أمراض نفسية حادة، وهم بلا أهلية قانونية أو عناية طبية. رائحتهم كريهة، وملابسهم رثة، ولا يتواصل معهم أحد، حتى أقربائهم في الشمال. كذلك، هناك 13 شخصًا من كبار السن، تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عامًا، وحوالي 80 شابًا اعتقلوا من نقاط أمنية أو الشوارع لمجرد أنهم من أبناء الشمال.

كثير منهم، مثل شاب كان في طريقه لاستخراج جواز سفر، أو آخر كان يتنزه على الساحل، لم يرتكبوا أي جرم يبرر اعتقالهم. كل ما يفعلونه هو انتظار خبر قد لا يأتي أبدًا. يسألون ماهر باستمرار: "هل من جديد يا أستاذ؟ هل من تبادل قادم؟". وفي كل مرة، يجيبهم بالإحباط ذاته: "لا شيء بعد".

نداء إلى المسؤولين... "اتقوا الله في أبناء الشمال"

يضع الصحفي أحمد ماهر هذه القضية أمام الرئيس الدكتور رشاد العليمي، واللواء عيدروس الزُبيدي، واللواء عبد الرحمن المحرمي أبو زرعة، داعيًا إياهم إلى وضع حد لهذه المأساة. يقول ماهر: "نحن في عدن، دولة شرعية، والظلم لا يليق بهذه الدولة. هؤلاء المعتقلون منذ خمس إلى سبع سنوات، ولا يعترف بهم الحوثي، ولا تجري لهم محاكمات. لو عُرضت ملفاتهم على القضاء، لأُفرج عنهم جميعًا".

ويضيف: "على الأقل، بمناسبة شهر رمضان، أفرجوا عن فاقدي الأهلية وكبار السن، أو أدخلوهم في صفقة تبادل. امنحوهم طعامًا جيدًا، وهاتفين للتواصل مع أسرهم بحرية. هذا أقل واجب يمكن القيام به".

رسالة إلى صنعاء... "اتقوا الله في هؤلاء"

لا ينسى ماهر توجيه رسالة إلى الحوثيين في صنعاء، قائلاً: "هؤلاء المعتقلون سجنوا بسببكم. طالبوا بهم في صفقة تبادل، أو قدموا لهم مبالغ شهرية وأسبوعية كما فعلتم مع الأسرى السابقين. اتقوا الله فيهم".

ختامًا... براءة الذمة

يختم ماهر تقريره بقوله: "هذه براءة للذمة أمام الله. ما رأيته وسمعته من هؤلاء المعتقلين يدمي القلب. أنا هنا، أضع القضية أمام العالم، وأدعو الجميع إلى الوقوف مع هؤلاء الضحايا. والله المستعان".