الرسوم الجمركية الأمريكية تهدد تحالفًا تجاريًا تاريخيًا

تواجه العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك أزمة غير مسبوقة بعد أن أعلنت واشنطن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات بقيمة تريليون دولار من البلدين. هذه الخطوة تهدد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (USMCA)، التي كانت حجر الأساس للتعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث لعقود.
أزمة اقتصادية تلوح في الأفق
بحسب تقرير نشرته نيويورك تايمز، فإن هذه التعريفات الجمركية قد تؤدي إلى ركود اقتصادي في كندا والمكسيك، حيث حذر الخبراء من أن الاقتصاد الكندي قد يشهد ارتفاعًا في معدلات التضخم والبطالة نتيجة للرسوم المفروضة.
أما في المكسيك، فقد توقع الخبير الاقتصادي ماركوس نولاند أن تؤدي هذه السياسات إلى انكماش الاقتصاد بنحو نقطتين مئويتين، مما قد يسبب إغلاق العديد من المصانع وتسريح آلاف العمال، وخاصة في قطاع التصنيع الذي يعتمد على الصادرات الأمريكية.
ترامب يدافع عن القرار.. لكن المخاوف مستمرة
برر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الخطوة باعتبارها جزءًا من استراتيجيته "أمريكا أولًا"، مشيرًا إلى أن الرسوم الجمركية تحمي الاقتصاد الأمريكي وتوفر المزيد من الوظائف للمواطنين.
لكن العديد من المحللين يرون أن هذه السياسات قد تأتي بنتائج عكسية، خاصة بالنسبة للصناعات الأمريكية التي تعتمد بشكل أساسي على المواد الخام والسلع المستوردة من كندا والمكسيك.
تأثير كارثي على الصناعات الأمريكية
تشير التقارير إلى أن هذه الرسوم الجمركية لن تؤثر فقط على كندا والمكسيك، بل قد تهدد أيضًا الاقتصاد الأمريكي.
قطاع السيارات الأمريكي قد يكون الأكثر تضررًا، حيث حذرت الشركات من أن الرسوم ستزيد من تكاليف الإنتاج وتؤدي إلى تقليص الأرباح.
بعض الشركات بدأت بالفعل في البحث عن بدائل ونقل عملياتها إلى دول أخرى مثل جمهورية الدومينيكان، لتجنب دفع الرسوم الجديدة.
بحسب تقرير صادر عن ستاندرد آند بورز، قد تتسبب هذه الرسوم في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 0.6% خلال العام المقبل.
تصاعد التوترات السياسية والتجارية
أثار القرار الأمريكي ردود فعل غاضبة من كندا والمكسيك، حيث وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو هذه السياسة بأنها "زائفة وغير عادلة"، محذرًا من أنها قد تؤدي إلى انهيار العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
أما في المكسيك، فقد أعرب المسؤولون عن قلقهم العميق بشأن التداعيات السلبية لهذه الخطوة، مشيرين إلى أن المكسيك قد تضطر إلى إعادة النظر في سياساتها التجارية واتخاذ إجراءات مضادة.
من المستفيد ومن الخاسر؟
في حين أن بعض الفئات، مثل نقابة عمال السيارات الأمريكية، تدعم هذه التعريفات الجمركية معتقدة أنها تحمي الصناعات المحلية، فإن خبراء الاقتصاد يرون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى انهيار قطاعات صناعية بأكملها، مما يضر بالاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل.
يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الرسوم في تحقيق أهدافها أم أنها ستؤدي إلى تفكك تحالف تجاري استمر لأكثر من 30 عامًا؟