قرار حاسم من ولي العهد السعودي يثير غضب أمريكا
![الكاتب خالد الذبحاني](https://media.almashhad-alyemeni.com/img/24/09/23/291444.jpg)
أثار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان غضب واستياء الإدارة الأمريكية بقرار حاسم وشجاع، وقبل الحديث عن هذا القرار أود أن اهنئ السعودية قيادة وحكومة وشعبا باليوم الوطني للمملكة ، والذي لا يفرح فقط الشعب السعودي، بل ويشاركهم الفرحة أكثر من عشرة مليون من المقيمين في المملكة من مختلف الجنسيات، نظرا لما يلمسونه من الخير الكبير في هذا اليوم المميز.
السعودية تعد من أقوى الحلفاء لأمريكا، لكن ولي العهد السعودي لا يمنح الإدارة الأمريكية شيك على بياض ويلبي كل رغباتها، كما يفعل المستشار الألماني شولتز الذي يقدم مصالح أمريكا على المصالح الألمانية، بل يفعل كل ما يحقق المصالح السعودية، وإذا كان هذا الأمر يغضب أمريكا فليشربوا من ماء البحر.
والإدارة الأمريكية تدرك المكانة الاقتصادية والسياسية للمملكة ودورها المؤثر إقليميا ودوليا بالإضافة إلى مكانتها الروحية لملياري مسلم ، لذلك سعت بكل ما أوتيت من قوة لجر السعودية الى عملية التطبيع مع إسرائيل، وقدمت مغريات كبيرة بمنح المملكة أحدث الأسلحة وانشاء برنامج نووي داخل الأراضي السعودية، كما انها وعدت بعلاقة دفاع مشتركة مع السعودية ، لكن الأمير محمد بن سلمان رفض كل تلك المغريات، وأتخذ قراره الشجاع والحاسم الذي لا رجعة فيه، وأعلن رسميا بأنه لا تطبيع ولا علاقة مع إسرائيل الا بقيام دولة فلسطينية يعيش فيها الشعب الفلسطيني بأمن وأمان وتتوقف معاناته من اليهود الغاصبين.
قرار ولي العهد السعودي بعدم التطبيع مع إسرائيل أثلج صدور الشعب الفلسطيني، ومعهم 2 مليار مسلم منتشرين على وجه الكرة الأرضية ، وهذا القرار ليس وليد اللحظة ، بل هو امتداد للموقف الدائم للمملكة إزاء القضية الفلسطينية منذ عهد المؤسس وحتى اللحظة الراهنة.
فمؤسس المملكة ، الملك عبد العزيز طيب الله ثراه ، كان قد أرسل أكثر من 3 ألف مقاتل من ضباط وجنود وأستشهد الكثير منهم خلال مشاركتهم مع الجيش المصري والسوري والعراقي في مواجهة الصهاينة داخل الأراضي المحتلة في الأربعينيات، ولم يكتفي المؤسس بهذا الأمر، بل كان أول زعيم عربي يرصد ميزانية هائلة ويسلمها لمصر لتكوين وتجنيد شباب من كل أرجاء الوطن العربي وإرسالهم للقتال والجهاد مع الفلسطينيين، وأطلق عليهم جيش الخلاص المقدس.
ثم جاء الملك فيصل - رحمة الله عليه - وساند القضية الفلسطينية بكل قوة وتحدى أمريكا وكل دول أوروبا، فمنع عنهم النفط مما شكل أزمة كبيرة لكل الدول الغربية، وعندما هدد الغرب بضرب أبار النفط السعودية لم تتحرك شعرة واحدة من رأس الملك الشجاع "فيصل" وقال كلمته المشهورة انهم مستعدون للعودة إلى العيش في الخيام والاعتماد على التمر وحليب الناقة كما كان يفعل رسول الله ، لكنه لن يخذل القضية الفلسطينية.
وتبعه بعد ذلك أخوه الملك عبد الله - رحمة الله عليه - فوضع المبادرة العربية ، وهي مشروع متكامل للعيش بسلام في منطقة الشرق الأوسط مع إسرائيل ، لكنه وضع في المبادرة التي أطلقتها السعودية وبإجماع عربي كامل شرط ضروري وملزم لإسرائيل وهو قيام دولة فلسطينية.
ثم جاء الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان ليؤكدا إن القضية الفلسطينية بالنسبة للقيادة والشعب السعودي، هي قضية جوهرية ومحورية لا يمكن المساس أو التفريط فيها، فكان القرار الحاسم للمملكة بقيام دولة فلسطينية، كشرط رئيسي لتحقيق السلام الشامل مع إسرائيل ويكفي ان نعلم إن المملكة هي الدولة العربية الوحيدة التي تضع صورة للقدس الشريف على عملتها الورقية.