الخميس 6 فبراير 2025 10:15 صـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

محللون: هجمات البحر الأحمر صرفت الأنظار عن مجازر الاحتلال في غزة وأي ضربة أمريكية على الحوثيين لن تؤثر

الثلاثاء 9 يناير 2024 11:33 مـ 28 جمادى آخر 1445 هـ
استيلاء الحوثيين على سفينة جالاكسي
استيلاء الحوثيين على سفينة جالاكسي

كان العالم يعيش حالة هيجان وسخط عارم ضد الكيان الصهيوني وما يرتكبه من إبادة جماعية غير مسبوقة بحق الفلسطينيين، وكان الحراك الشعبي العالمي وما تواجهه حكومات الدول الداعمة للاحتلال خصوصا في الغرب، كفيل بإجبار تلك الدول على الضغط الحقيقي على إسرائيل لإيقاف العدوان فعليا وبالتالي فك الحصار ووقف نزيف الدم الفلسطيني.

ماذا حدث؟

منذ قرابة شهرين، أعلن الحوثيون شن هجمات على السفن التجارية التي يقولون إنها إسرائيلية أو متجهة إلى إسرائيل، والهدف المعلن إجبار الكيان الصهيوني على فك الحصار عن غزة وهو ما لم يتم حتى اللحظة.

صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي ربما تكبد خسائر اقتصادية محدودة، جراء عمليات الحوثيين بالبحر الأحمر، لكن الدول التي تقف خلف الاحتلال وفي صفه وخصوصا الولايات المتحدة، مستعدة لتعويض تلك الخسائر بأرقام مضاعفة، وهو ما يجعل تلك العمليات العشوائية للحوثيين، يتبخر تأثيرها مقابل ما جنته اسرائيل وأمريكا من ورائها.

كيف حدث ذلك؟

بحسب متابعة المشهد اليمني، سلط المسؤولون الإسرائيليون ووسائل الإعلام الإسرائيلية، ونظرائهم الأمريكيون والغربيون، ومعهم وسائل الإعلام الدولية والعالمية الضوء على هجمات الحوثيين، وتفاعل وانشغل الرأي العام العربي والعالمي، بعمليات الحوثيين في البحر الأحمر، وكل هذا الاهتمام كان على حساب الاهتمام بما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من إبادة جماعية لم تتوقف عنها اسرائيل يوما واحدا عدا أيام الهدنة السبعة.

أبعاد خطيرة

وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي اليمني، الدكتور ياسين التميمي، "اليوم ثمة من يعتقد، ومعه كل الحق، بأن الولايات المتحدة وبدافع إيقاف نزيف السمعة الدولية التي يتعرض لها الكيان الإسرائيلي، ربما أرادت صرف أنظار العالم عن جرائم الحرب في قطاع غزة إلى بؤرة صراع لها أبعاد خطيرة على التجارة العالمية، والتي تتغذى من السلوك العسكري العشوائي لجماعة الحوثي في جنوب البحر الأحمر، والتي بدأت في اعتراض والسيطرة على السفن ونجحت بالفعل في الاستيلاء على سفينة نقل السيارات "جلاكسي ليدر" المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي وجرها إلى ميناء الصليف في البحر الأحمر، وتطور النشاط العسكري للجماعة إلى محاولات رصدتها البحرية الأمريكية، لاعتراض سفن بقوارب على متنها عناصر مسلحة وأخرى مفخخة، وإطلاق صواريخ بالستية مضادة للسفن وتنفيذ هجمات بالطائرات المسيرة".

واشنطن ليست متضررة

ويضيف في مقال نشره موقع "عربي21" أن "واشنطن هنا لا تتبنى النشاطات العسكرية للحوثيين بالتأكيد، ولكنها تناور لإدارة ذلك النشاط على نحو تنجح معه في صرف أذهان العالم إلى مشكلة أخرى بدلا من التركيز على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، إذ لا يبدو أن المصالح الحيوية لواشنطن تتأثر بشكل جوهري من النشاط العسكري للحوثيين، كما أن البحرية الأمريكية ومعها بقية السفن الحربية الغربية تمتلك القدرة على التعامل مع تهديدات الحوثيين بشكل كفؤ للغاية كما رأيناها خلال الفترة الماضية، على الرغم من توالي البيانات الملاحية والأخبار التي تفيد بأن عددا من الخطوط الملاحية الدولية الرئيسة بدأت بتغيير مسارها عبر رأس الرجاء الصالح لتفادي المخاطر العسكرية الناشئة في البحر الأحمر".

ضربة غير مؤثرة

وأشار المحلل السياسي إلى توقيع 12 دولة - قبل يومين - "من حلفاء الولايات المتحدة بينها اليابان؛ على بيان وصف بأنه الإنذار الأخير للحوثيين لتفادي إجراء عقابيٍ دولي، وربما مثّل هذا البيان تعويضا عن فشل الولايات المتحدة في تأسيس تحالف دولي لمواجهة التهديدات العسكرية في البحر الأحمر، ومع ذلك فإن التهديد بتوجيه ضربة عسكرية لجماعة ما دون دولة لن يكون له أثر حقيقي على الأرض، حتى لو تضمن ذلك ضرب بنى تحتية في الأراضي التي يتحكم بها الحوثيون في شمال اليمن".

وقال إن "الولايات المتحدة طالما كانت حريصة على التمكين الجيوسياسي للحوثيين في اليمن، وضغطت عبر اتفاق ستوكهولم لإبقاء سيطرتهم على الموانئ اليمنية الرئيسية في البحر الاحمر، وأجبرت السعودية على أن تعقد تفاهمات مباشرة مع الحوثيين على حساب مركزها الجيوسياسي المهم في المنطقة، لذلك سيكون من الصعب اليقين بأن واشنطن قد تُقدم على تغيير جذري في سياساتها تجاه جماعة الحوثي أو إيذائها بضربة عسكرية مميتة، وإن تحقق ذلك فستكون ضربات غير مؤثرة، وسيتحقق للحوثيين ما يريدونه إذ سيثبتون للآخرين بأنهم في حالة مواجهة حقيقية مع أمريكا".

ولفت إلى أن "هناك ضغوط أمريكية على صلة بالوضع في جنوب البحر الأحمر، لإيقاف التحرك الذي بدأته السعودية وسلطنة عمان للوصول إلى اتفاق على خارطة طريق تنهي الصراع في اليمن، على الرغم من أن إدارة بايدن لطالما تباهت بأن وقف إطلاق النار والتهدئة منذ نيسان/ أبريل من عام 2022 في اليمن هما من الإنجازات الدبلوماسية المهمة للرئيس بايدن في منطقة الشرق الأوسط التي تعصف بها النزاعات".

استثمار إيراني

وقد تكون هذه الضغوط هي إحدى أدوات التأثير في سلوك الحوثيين، لكن ذلك لن يحد من نشاطهم بالتأكيد، - بحسب التميمي - لأن إيران بدأت بالفعل في استثمار النشاط العسكري للحوثيين ومناخ الارتياح الذي أثاره في العالم العربي، لإعادة تصميم مكانة أكثر رسوخا للحوثيين في اليمن والمنطقة، وتعزيز تأثيرهم في المعادلة الدولية، كما صرح بذلك زعيم حزب الله اللبناني، وقد تشجعهم على تجاوز التفاهمات التي تشرف عليها الأمم المتحدة وواشنطن وترعاها دول إقليمية من أجل تحقيق السلام في اليمن، وعلى التحلل من التزامات خارطة الطريق التي يبدو أنها تعثرت بفعل تفاعلات المعركة المصيرية في غزة وارتداداتها في المنطقة.

موضوعات متعلقة