الخميس 6 فبراير 2025 09:27 صـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

صحيفة (قريش) وصحيفة (البيت الابيض)

الإثنين 11 ديسمبر 2023 09:36 صـ 29 جمادى أول 1445 هـ

عندما اشتد ضغط قريش على المسلمين في السنوات الأولى من ظهور الاسلام وارادوا القضاء على رسول الله صل الله عليه وسلم ، لجأ المسلمون بقيادة رسول الله ومن معه من بني هاشم وبنو عبد المطلب مؤمنهم وكافرهم ، وفي مقدمتهم عمه ابو طالب ، لجأوا الى ( شعب ابي طالب ) ، وهناك ضربت عليهم قريش حصارا خانقا اقتصاديا واجتماعيا ، قررت قريش اتّخاذ هذه العقوبة الجديدة من نوعها، وهي فرض الحصار على المسلمين وتجويعهم، فكتبوا صحيفة فيها قرارات جائرة بحقّ المسلمين، وختموا عليها بأختامهم، واختاروا مكاناً لتعليقها عليه، وهو جوف الكعبة؛ بسبب احترامهم وتقديسهم لهذا المكان، ولتأخذ الصّحيفة طابعاً مهمّاً لا يخرج عنها أحد، بل يلتزم الجميع بها ويوفي ما جا بها ، وقد انقطعت عن المسلمين في الشعب كلّ سبل الحياة، حتّى أكلوا أوراق الشّجر والجلود من الجوع، ووصل بهم الحال من شدّة الجوع والتّعب أن تُسمع أصوات أطفالهم ونسائهم من خارج الشِعب . تماما كما يسمع العالم الآن صراخ واستغاثة اطفال ونساء واهالي غزة ، وهم يتعرضون للموت القادم من البر ومن الجو مصحوبا بحصار خانق من جميع الجهات ، وكلما كانت تتعالى الاصوات داخل المجتمع القرشي مطالبة بفك الحصار عمن في الشعب ، كانت تصطدم بما يمكن ان نسميه في وقتنا الحاضر حق ( الفيتو ) الذي كان يستخدمه ( ابو جهل ) صاحب القوة والجبروت والتأثير داخل المجتمع القرشي . حيث كان شرطه الوحيد من اجل فك الحصار هو : تخلي رسول الله صل الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين عن الدعوة الى الدين الجديد ، مالم فسيتم القضاء عليهم تحت الحصار ، تماما مثلما تتعالى اصوات العالم الآن مطالبة بوقف اطلاق النار وفك الحصار عن اهالي غزة ، ولكنها تصطدم بحق ( الفيتو ) من قبل ( ابي جهل ) العصر الحديث ( بايدن ) ، الذي يؤكد انه لن يكون هناك وقفا لاطلاق النار وفك الحصار عن غزة الا بعد القضاء على ( ح م ا س ) . وبعد ثلاث سنوات من الحصار في شعب ابي طالب ، تحركت النخوة والمرؤة في في نفوس خمسة رجال من ابناء قريش وهم ،هشام بن ربيعة، زهير بن أمية ، المطعم بن عدي ، البختري بن أبي هشام ، زمعة بن الأسود بن عبد المطلب ،

وقالوا : كيف نأكل ونشرب ونفر من قومنا يموتون جوعاً ؟ والله لا يكون ذلك ابدا ، وقرروا إنها المقاطعة وتمزيق الصحيفة المعلقة في جوف الكعبة ولو بالقوة ، وفعلا لم يستطع ابو جهل ايقافهم ، وكان الله سبحانه وتعالى قد اخبر نبيه انه قد سلط على تلك الصحيفة ( دودة الأرضة ) فاكلتها ولم يتبق منها غير كلمة ( بسمك اللهم ) ، ثبت المسلمون بقيادة نبيهم طوال ثلاث سنوات تحت الحصار وتحملوا ما لا طاقة لهم به ، ولم يرتد احد منهم او يقول اين النصر الذي وعدنا به محمد فمن يخرجنا من هذه الورطة الآن ؟ صمود المسلمين في الشِعب وتمسكهم بعقيدتهم تحت تلك المعاناة الشديدة ، وعدم تسليمهم نبيهم الى قريش ليقتلوه كما كانت تطالب بذلك . كل ذلك جعل اخبارهم وقصتهم تنتشر بين قبائل العرب ، فوصل خبر الاسلام الى تلك القبائل وانتشر دون جهد منهم ، فما ان انتهى الحصار حتى توافد الناس من خارج مكة ليعلنوا اسلامهم ،، وهاهم الكثير في العالم الغربي وغيره يتابعون ويشاهدون الان ثبات ابناء غزة وهم يحمدون الله ويشكرونه ويسلمون بقضائه وقدره مع كل مصيبة تصيبهم ، من فقدان الابناء والامهات والزوجات والاباء وتهدم البيوت فوق ساكنيها ، فيندهشون من ثبات هؤلاء الناس ، وبدأوا يبحثون ويقراون عن الدين الذي جعلهم بهذا الثبات ، وهاهي الاخبار تتوالى عن اعتناق الكثير منهم للاسلام والقادم افضل ، ولا عجب في ذلك فمن في غزة قدوتهم في الصبر والتجلد نبيهم محمد صل الله عليه وسلم وصحابته الكرام .. ومن اقدار الله ان أولئك الذين كانوا محاصرين في الشعب والجميع ينتظر هلاكهم ، قد تمكنوا بعد خمس سنوات من انتهاء ذلك الحصار ، الانتصار على من كانوا يحاصرونهم ، وقتل الكثير منهم وفي مقدمتهم صاحب الفيتو ( ابو جهل ) ، كان ذلك في معركة بدر في السنة الثانية للهجرة ، لقد علقت قريش صحيفة مقاطعة وحصار المسلمين في جوف الكعبة ، لما للكعبة من حُرمة ومكانة وقدسية عند العرب ، بينما تم تعليق صحيفة مقاطعة وحصار اهالي غزة داخل ( البيت الابيض ) الذي له حرمة ومكانة وقدسية عند الحكام العرب ، اعظم مما كان للكعبة عند كفار قريش ، خمسة رجال من كفار قريش كسروا الحصار عن المسلمين في شعب ابي طالب فخلّدهم التاريخ ، فهل من خمسة من حكام العرب المسلمين يكسرون الحصار عن اخوانهم العرب المسلمين في غزة فيخلدهم التأريخ ؟