الملف اليمني أولوية على طاولة الكبار ومباحثات مباشرة بين سلطتي الأمر الواقع في الجنوب والشمال
على أرض الواقع تتكرس معطيات جديدة ليس في الداخل الوطني وحسب،بل ولدى الهيئات الدولية المعنية بحل الأزمة اليمنية وعلى رأسها الأمم المتحدة.
أنباء تسربت حول بحث المبعوث الأممي ورقة حل، تقوم على مباحثات مباشرة بين الإنتقالي والحوثي، معترفاً بأنهما سلطتا أمر واقع في الجنوب والشمال، وأن كل حل ممكن وتسوية مستدامة يجب أن يمر عبرهما.
جولة جروندبرغ للصين واليابان، ومن بعدهما للرياض وعُمان وقبلهم لطهران، وتزامنها مع الزيارة الحالية لمستشار الأمن القومي الأمريكي للسعودية، يقطع أن الملف اليمني بات أولوية على طاولة الكبار، كبند رئيس تم التوافق على معالجته، في معزل عن تشابكات وتداعيات الصراع الدولي ، وحمى الإستقطابات جراء الحرب في أوكرانيا، وهو ما حظي أيضاً بموافقة روسيا والصين.
واشنطن وصناع السياسات الأمنية الإستراتيجية، باتوا يدركون أكثر أهمية عدن للأمن والإقتصاد الدوليين، بإمساكها بمفاصل التجارة الدولية وعقدة المواصلات، عبر سيطرتها على أخطر الممرات المائية الواقعة بين محيط وخليج وبحر، والرابطة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط من خلال باب المندب عبر قناة السويس.
هذه الأهمية تضع الجنوب في صدارة أي حل، لا لعدالة قضيته فحسب وهي عادلة بإمتياز ، ولا لإضفاء صفة التسوية المستدامة على أي حل قادم، بل لأن عدن مصلحة دولية وأمن قومي لمجموع الدول المجاورة ، ومنها مصر التي تعزز علاقاتها السياسية العسكرية والأمنية مع الإنتقالي، عبر الشراكات المتعددة، بل ولواشنطن أيضاً ولمجموع الدول الكبرى والجوار.
وبإستدارة نحو ما رشح عن جولة جروندبرغ، فإن المفاوضات المباشرة بين الجنوب والشمال التي حملها المبعوث الأممي، هو الحل الأكثر واقعية وإستجابة لأمن الجميع، الداخل الوطني والإقليم ومصالح الدول الكبرى والمجتمع الدولي على حد سواء، ولا مقبولية لحل يتخطى حقيقة أن الجنوب ناهيك عن ثرواته منطقة مصالح دولية.
هل إعادة إحياء نموذج دولة ماقبل تسع سنوات حرب، يحقق هذه المصالح؟
خلف الأبواب المغلقة هناك طاولة وخارطة، قلم دولي ومسطرة لرسم شكل وحدود الدولة القادمة، وقطعاً لن تكون هي ذات الدولة الواحدة.