الخميس 6 فبراير 2025 06:03 مـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

مصدر إعاقة قوي وغير ملحوظ في اليمن

الأحد 7 أغسطس 2022 10:08 مـ 10 محرّم 1444 هـ
محمد العلائي
محمد العلائي

في اليمن الحديث جرى الاتفاق على ما تمثله العصبية القَبليّة من إعاقة في طريق التحضُّر، لأن منطق القبيلة -كما يقولون- يتعارض كُلياً مع منطق قيام الدولة وأسباب رسوخها،
الدولة الوطنية بمفاهيمها وتقاليدها وشروطها المعاصرة.
هذا جيّد،
بصرف النظر عن موقفي المتشكِك من بعض الافتراضات والتصورات النمطية المتعلقة بالقبيلة.
لكن ما لم يُتَّفَق عليه حتى الآن هو أن هناك مصدر آخر للإعاقة،
مصدر محسوس بالتجربة لكنه غير ملحوظ على المستوى المعرفي والنقدي، رغم أنّه لا يقل عن المصدر الأول أهمية وقوّة:
العصبية المناطقية، عصبية الأرض.
الفرق بين المكونات والمفاعيل التاريخية لعصبية النسب (القبيلة) وعصبية الأرض (الوحدة الإقليمية الجزئية)، ليس جذرياً.
بل إن تركيبة العصبية القبلية في انحاء مختلفة من اليمن، تنطوي أحياناً وفي نفس الوقت على عنصر مناطقي قوامه الأرض إلى جانب العنصر القائم على أسطورة الجد المشترك.
من منظور التباين غير المرغوب مع مبدأ الدولة الوطنية المركزية، لا يوجد فرق كبير بين مفعول عصبية الأرض وعصبية النسب المشترَك.
المشكلة أن اهتمام النقد السياسي، بل ومعظم الكتابات التاريخية والاجتماعية الحديثة، ظل مُنصبّاً على الدور السلبي للقبيلة في اليمن، مع إغفال شبه كامل لـ دور العصبيات المناطقية الجزئية.
وهو ما أدى إلى اختلال معرفي وأخلاقي نشعر بآثاره في الأفق التاريخي الراهن:
لدينا ركام من النقد الذي يستهدف الأثر المعيق الذي تشكله العصبيات القبلية بالنسبة للدولة. علماً أن كلمة "قبيلة" قد تعرَّضتْ لاستخدام متحيِّز، بحيث أصبحتْ تشير -بمعناها السلبي- إلى التنظيم القبلي الموجود في "اليمن الأعلى" فقط.
لكننا في المقابل نفتقر تماماً إلى تقاليد نقدية وتحليلية تتناول العصبيات المناطقية الجزئية التي تعبّر عن نفسها اليوم بصورة محسوسة وعلى نحو يتعارض -بنفس الدرجة تقريباً واختلاف الأساليب- مع منطق الدولة الوطنية الواحدة على النمط الجمهوري.
هذه مجرد دعوة لتفعيل الحساسية النقدية والمعرفية تجاه جميع الظواهر، وتطبيق تلك المنظورات والمعايير والأخلاقيات التي قمنا بالنظر إلى القبيلة من خلالها على مدى نصف قرن.