موسم الرومانسية السياسية بين الأطراف اليمنية

يتقن الإصلاح تبادل المجاملات مع خصومه، يلتقط عبدالرزاق الهجري صورة مع طارق عفاش، وفي صورة أخرى يظهر أحمد العيسي مع الزبيدي، ويظهر الأخير مع المقدشي وأخرون كثر..ليس الإصلاح وحده بل ومختلف القوى اليمنية.
إنه موسم الرومانسية السياسية. شخوص بينهم ما بين الجبال والوديان من خلافات وتوجهات ودوافع وأحلام متضادة ومتباينة؛ لكنهم مع ذلك يبتسمون، إنهم متسامحون وهكذا يكون التعايش، هكذا يعتقدون أو يتوهمون وكأن الصورة كافية لترتيب المشهد واتحاد النفوس والغايات.
إن كان هناك من صفة يتوجب حظرها من التعاملات بين اليمنيين، فهي المجاملة. هذا السلوك العاطفي ردئ ويكون أكثر خطرًا في ميدان السياسة، إنه الجذر الحاجب للحقائق والثقافة المضللة عن أي علاقة صحية يمكن أن تنشأ. يلتقي الفرقاء وبداخلهم رؤى متنازعة، يتبادلون الود ويظهرون لبعضهم كم أنهم قادرون على التعايش، ثم يغادرون محملين بضغائنهم ويواصلون عملهم وكأن أحدًا لا يعرف أحد.
ما ينقص الساسة في بلادنا هو فضيلة الوضوح، الاعتراف الشجاع بثقل التراكمات المكدسة فيما بينهم، التفاوض انطلاقًا من الحقائق المريرة وقد أخرجوها من صدورهم ووضعوها على الطاولة. ثم حاولوا تجاوزها، تفكيكها والاجتهاد لرسم صيغة جديدة لشراكة تُجذر الثقة وتحاصر المخاوف المتضخمة بينهم.
ما يحدث هو حفلة تسويقية لعلاقات عامة أقرب لمصافحات خصوم يودون اثبات خفتهم أمام الكاميرات، غير أن تبادل الود، هو سلوك شخصي لطيف، لكنه لا يجدي لحل خصومة بسيطة بين تلميذين، ناهيك أن يؤسس لشراكة جسورة، ونضال سياسي موحد، يتحرك بأقل قدر ممكن من الريبة، يحمي مصيرا مشتركًا أو يلملم بلادًا ممزقة.
راقبوا مآلات هذه اللقاءات، في الزمن القريب القادم، ستصلكم عودة التوترات بين هذه القوى، الأمر لا علاقة له بالتشاؤم والتفاؤل، بل نتيجة طبيعية للزيف المتبادل دون اشتغال حقيقي يرتب الرؤى من جذورها. وتلك لعنة اليمنيين منذ زمن.