السبت 19 أبريل 2025 11:45 صـ 21 شوال 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

مستعمرة تختفي من الوجود... وكلمة واحدة تخلّد الغموض

الجمعة 18 أبريل 2025 06:42 صـ 20 شوال 1446 هـ
مستعمرة رونوك
مستعمرة رونوك

عام 1590، في أحد أركان الساحل الشرقي لما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية، عاد القائد الإنجليزي جون وايت إلى مستعمرته "رونوك" التي تركها قبل ثلاث سنوات، ليواجه صدمة لا تُنسى. لم يجد أحدًا، لا بشر، لا رفات، لا آثار للمعارك، فقط صمت غريب يخيّم على المكان، وكلمة محفورة على جذع شجرة: "Croatoan". من هنا بدأت الحكاية، وتحول هذا المشهد إلى واحد من أعظم الألغاز التي لم تُحل في التاريخ الاستعماري.

البداية: حلم إمبراطوري في أرض مجهولة

كانت مستعمرة رونوك أول محاولة جدية لإنشاء موطئ قدم بريطاني دائم في العالم الجديد، وتحديدًا في ما يُعرف اليوم بولاية كارولاينا الشمالية. أُنشئت عام 1587 بتمويل من السير والتر رالي، وأرسل إليها أكثر من 100 مستوطن، بينهم نساء وأطفال. لكن ندرة الموارد والاضطرابات مع السكان الأصليين دفعت القائد وايت للعودة إلى إنجلترا طلبًا للدعم، ولم يكن يتوقع أن الرحلة التي استغرقت ثلاث سنوات ستعود به إلى مدينة أشباح.

نقش غامض... والكلمة التي أشعلت النظريات

ما زاد من عمق اللغز أن سكان المستعمرة لم يتركوا خلفهم أي رسالة أو علامة استغاثة، باستثناء كلمة واحدة: "Croatoan". ويُعتقد أن الكلمة تشير إلى جزيرة قريبة يسكنها السكان الأصليون الذين كانت لهم علاقة مع المستوطنين. لكن رغم ذلك، لم يُعثر على أي من سكان رونوك هناك، ولا ما يدل على مصيرهم. وهكذا تحولت الكلمة المنقوشة إلى رمز للغموض في التاريخ الأمريكي.

نظريات بالجملة... ولا إجابة قاطعة

تتعدد النظريات بشأن مصير المستوطنين، منها أنهم اندمجوا طوعًا مع إحدى القبائل الهندية، أو أن مجاعة أو وباء قد فتك بهم، أو أنهم تعرضوا لهجوم مفاجئ وتم دفن آثارهم عمدًا. أما بعض الباحثين المحدثين، فيرون أن الكلمة "Croatoan" كانت دليلًا متروكًا طوعيًا، يدل على وجهتهم، لكن غياب أي دليل مادي يجعل هذه النظريات مجرد افتراضات غير مؤكدة.

التاريخ يصمت... والغموض يزداد عمقًا

على مدى القرون، تحولت مستعمرة رونوك إلى لغز مفتوح أثار خيال المؤرخين والكتاب، وحتى صناع السينما والدراما. ومع عدم وجود أدلة جديدة حتى اليوم، يبقى مصير أول مستوطنة إنجليزية في أمريكا الشمالية مجهولًا، تحفه الأساطير والأسئلة غير المجابة. وما تزال الكلمة "Croatoan" وحدها، محفورة في سجل التاريخ، شاهدة على اختفاء جماعي لا تفسير له.