السبت 19 أبريل 2025 11:45 صـ 21 شوال 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

الفرعون الذي تحدى الكهنة... واختفى بلا أثر

الجمعة 18 أبريل 2025 06:41 صـ 20 شوال 1446 هـ
الفرعون المصري
الفرعون المصري

وسط صحراء مصر، وفي زمنٍ كانت فيه المعابد تعج بتماثيل آلهة متعددة، خرج فرعون غريب الأطوار يُدعى أمنحتب الرابع ليقلب الطاولة على مفاهيم العقيدة الراسخة. أعلن أن لا إله إلا آتون، قرص الشمس، وغير اسمه إلى "أخناتون". لم يكن ما فعله مجرد تعديل ديني، بل زلزال هزّ عرش الكهنة والمعابد. لكن النهاية لم تكن أقل غموضًا من الثورة ذاتها... إذ اختفى هذا الفرعون من السجلات فجأة، وكأن هناك من أراد محو أثره من الوجود.

ثورة دينية غير مسبوقة في مصر القديمة

أخناتون لم يكتف بإعلان عبادة الإله آتون وحده، بل أغلق المعابد القديمة، ونقل عاصمته إلى "أخت آتون" في منطقة تل العمارنة، حيث بُنيت مدينة جديدة على عجل، تكريمًا للشمس وإرثها. كتب ونقوش تلك الفترة امتلأت بعبارات تمجيد لهذا الإله الواحد، في خطوة مثّلت تحديًا غير مسبوق للطبقة الكهنوتية التي كانت تتحكم في مفاصل الحكم والدين.

أين اختفى أخناتون؟

بعد نحو سبعة عشر عامًا من الحكم، اختفى أخناتون من المشهد بشكل مفاجئ. لم تُذكر له جنازة ملكية، ولم يُعثر على مقبرة مؤكدة له. وتوقفت السجلات الرسمية عن ذكره فجأة. هل مات فعلاً؟ أم تم عزله؟ البعض يرى أن وفاته كانت طبيعية، لكن آخرين يعتقدون أنه أُجبر على التخلي عن العرش، وربما قُتل بصمت تام، في إطار صراع خفي على السلطة والدين.

محو متعمّد من الذاكرة الملكية؟

بعد رحيله، سعى خلفاؤه، وعلى الأرجح بقيادة توت عنخ آمون ومن بعده حور محب، إلى محو آثار أخناتون بالكامل. تم تحطيم تماثيله، وتغيير اسمه في النقوش، وحتى مدينة "أخت آتون" هجرت وتُركت لتنهار في الصحراء. هذا "النسيان المتعمد" يكشف عن كمّ الغضب والكراهية التي وُجهت ضد فرعون جرؤ على كسر التقاليد وتحدي الآلهة المتوارثة.

هل كان إصلاحياً أم مهرطقاً؟

حتى يومنا هذا، يبقى أخناتون شخصية مثيرة للجدل. يراه البعض رائدًا لفكرة التوحيد في الديانات، بينما يعتبره آخرون حاكمًا متطرفًا أراد تحطيم موروث آلاف السنين في لحظة واحدة. ومع غياب أدلة قاطعة حول مصيره، سيظل هذا الفرعون لغزًا مفتوحًا في سجل التاريخ المصري، شاهداً على أن من يتحدى سلطة الدين في مصر القديمة، قد يُمحى حتى من ذاكرة الزمن.