قناة بنما تحت المجهر.. تصاعد التوتر بين أمريكا والصين دون إشارات لحرب وشيكة

استبعد محللون سياسيون اندلاع أي مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية بشأن قناة بنما، رغم تزايد التوترات بين الجانبين حول النفوذ في هذا الممر المائي الحساس. ويرى خبراء في الشؤون الاستراتيجية أن امتلاك البلدين لقدرات نووية رادعة يجعل من خيار الحرب المباشرة أمرًا مستبعدًا، حتى مع تصاعد الخلافات المرتبطة بالسيطرة على البنية التحتية الحيوية في أمريكا اللاتينية.
قناة بنما.. البوابة الاستراتيجية
قناة بنما تمثل شريانًا تجاريًا بالغ الأهمية للولايات المتحدة، خاصة لربطها الاقتصادي مع أمريكا الجنوبية. هذا ما أكده الدكتور عابد الكشك، الخبير في السياسات الأمريكية ونائب رئيس جامعة "سانت فينيست"، مشيرًا إلى أن واشنطن تعتبر أي تهديد صيني في القناة تهديدًا مباشرًا لأمنها الاقتصادي. غير أنه شدد في الوقت ذاته على أن جميع المؤشرات الحالية لا تدل على وجود استعدادات عسكرية من أي طرف، وإنما تشير إلى نزاع بارد يدار عبر الاقتصاد والتحالفات الدبلوماسية.
تصريحات أمريكية نارية وتحذير صيني
وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، صرح مؤخرًا بأن بلاده ستعمل على "استعادة" قناة بنما من النفوذ الصيني، مؤكداً بعد لقائه مسؤولين في حكومة بنما، على أهمية تعزيز التعاون الأمني مع القوات البنمية. ولم يتأخر الرد الصيني، حيث دعا المتحدث باسم الخارجية الصينية، لين جيان، واشنطن إلى الكف عن اختلاق الذرائع وزرع الفتنة، محذرًا من استخدام القناة كورقة ضغط أو ذريعة لمواجهة سياسية جديدة.
حرب تجارية باردة بأبعاد جديدة
يرى ماشو تشونغ، الخبير في الشؤون الصينية، أن المواجهة بين واشنطن وبكين لم تعد مجرد نزاع اقتصادي، بل اتخذت شكل حرب تجارية ولوجستية متصاعدة. إلا أنه أشار إلى أن البلدين يعلمان جيدًا أن الحرب المسلحة بين قوتين نوويتين ستكون كارثية. ولفت إلى أن تاريخ العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية يشهد بأنه لم تحدث أي مواجهة عسكرية مباشرة بين الدول النووية الكبرى، مما يعزز فرضية استمرار النزاع في إطار اقتصادي واستراتيجي بحت.
أهمية القناة في ميزان التوترات
يشكل موقع قناة بنما نقطة ضغط حيوية في أي تصعيد دولي، إذ تتيح التحكم بحركة البضائع بين المحيطين الأطلسي والهادئ. لكن، رغم أهميتها، فإنها ليست الممر الوحيد عالميًا، ما يفتح الباب أمام بدائل، لكنها أقل كفاءة. وفي ظل هذا الواقع، يُرجح أن يستمر النزاع بين أمريكا والصين ضمن حدود غير عسكرية، مع سعي الطرفين للتفوق في البنية التحتية، والنفوذ اللوجستي، والاتفاقيات الثنائية مع الدول الحليفة في أمريكا الجنوبية.