الحوثيون يدخلون ”المرحلة الثالثة”.. هل بات مصيرهم مشابهًا لتنظيم داعش؟

في تحليل سياسي لافت، شبّه الدبلوماسي اليمني السابق مصطفى ناجي مسار جماعة الحوثيين بالمسار الذي انتهت إليه تنظيمات إرهابية مثل "داعش"، مؤكدًا أن الجماعة وصلت إلى ما أسماها "المرحلة الثالثة"، وهي مرحلة سبقت دائمًا مصيرًا محتومًا للجماعات التي عانت من التضخيم الإعلامي والسياسي قبل أن تسقط أمام قوة دولية أو محلية.
مراحل التطور: من التهميش إلى التضخيم ثم الشيطنة
وفقاً لتحليل ناجي، فإن مسار الجماعات المسلحة غالبًا ما يمر بمراحل متعددة تبدأ بالتغاضي عن خطرها الحقيقي، ثم التضخيم المدروس لأدوارها، وأخيرًا عملية "الشيطنة" التي تدفع المجتمع الدولي والمحلي لاعتبار محاربتها "واجبًا أخلاقيًا".
المرحلة الأولى: التجاهل والإهمال
أوضح ناجي أن الإعلام الدولي ودوائر صنع القرار ومراكز الدراسات بدأت في البداية بذكر الحوثيين بشكل عام، دون التركيز على طبيعتهم التدميرية أو خطورتهم على السكان والنسيج الاجتماعي والدولة.
في هذه المرحلة، كان يتم تقديمهم كحركة سياسية أو اجتماعية تسعى لتحقيق مطالب معينة، بينما تم تجاهل الجانب المسلح والتدميري لسلوكهم.
المرحلة الثانية: التضخيم والتوظيف الإقليمي
ثم بدأت مرحلة جديدة حيث تم تضخيم دور الجماعة بصورة ملتبسة، مما أدى إلى توسع عملياتها داخل اليمن وانخراطها في أدوار إقليمية.
حاولت الجماعة استغلال القضايا العالقة في المنطقة، مثل القضية الفلسطينية أو الصراعات الإقليمية، لتقديم نفسها كمخلص أو شريك استراتيجي، بينما بقيت غامضة المصدر ومجهولة القوى الحقيقية التي تقف خلفها.
المرحلة الثالثة: الشيطنة والحرب المصيرية
وبحسب ناجي، بدأت المرحلة الثالثة بعملية "شيطنة" الحوثيين وجعل محاربتهم ضرورة أخلاقية وإنسانية.
يقول ناجي: "هذه هي المرحلة الأخطر، حيث يتم تصوير الجماعة على أنها تهديد وجودي للمنطقة وللعالم، ويتم فرض عقوبات وقيود دولية عليها، وتتخلى عنها الجهات التي كانت تدعمها في السابق".
يضيف: "تسبق هذه المرحلة مغامرات الجماعة التي تكفي لتكوين رأي عام شعبي مقتنع بمحاربتها. هنا تكون الحرب جادة وفتاكة، ومشتملة على غطاء سياسي يبرر أخطاء الجماعة وجرائمها.
تقع حرب طاحنة تُوظَّف فيها كل الإمكانيات الحربية، ويحدث دمار كبير لا يأبه له أحد، فتمحى مدن ويطمر تاريخ ويهال التراب على حضارة".
النبع الإيديولوجي: مشكلة محلية أم تحدٍ حضاري؟
رغم ذلك، يشير ناجي إلى أن "النبع الإيديولوجي للجماعة لم يمسسه أحد"، معتبرًا أن هذا النبع يمثل مشكلة محلية وتحدٍ حضاري وطني يتطلب معالجة شاملة.
ويقول إن مجرد القضاء العسكري على الجماعة لا يعني نهاية الفكر الذي يغذيها، بل يجب التعامل مع الأسباب الجذرية التي أدت إلى ظهورها واستمرارها.
مؤشرات الحرب الجدية وبوادر الخراب
ويشدد ناجي على أن هناك مؤشرات جدية تدل على أن الحرب ضد الحوثيين أصبحت أكثر جدية على المستويين المحلي والدولي.
ويضيف: "يكفي أن تتصدر دولة واحدة المشهد وتقرر شن الحرب، طالما قد نضجت كل الظروف المحلية وتراكمت الأحقاد وتقطعت سبل التواصل والسلام، ولم يعد من الممكن تفادي الخراب الذي سيحصل".
ويتابع: "تغيرت طريقة حديث الشرعية اليمنية، وخرجت من جلباب مراضاة القوى المتعددة إقليميًا ودوليًا، وأصبحت الأولوية للخلاص النهائي من الحوثيين".
ويؤكد أن الحرب المقبلة ستكون مدمرة، لكنها ستضع حدًا لسيطرة الجماعة وستعيد ترتيب المشهد السياسي اليمني.
ختام التحليل: مصير محتوم؟
يختتم ناجي تحليله بالقول: "أعتقد أن الجماعة الحوثية وصلت إلى المرحلة الثالثة، وهي مرحلة تسبق مصيرًا محتومًا. الحرب عليها جادة محليًا ودوليًا، ودوافعها متعددة.
لقد تغيرت المعادلة، ولم يعد هناك مجال للتراجع أو التفاوض. الخراب آتٍ، لكنه سيكون بداية لنهاية هذه الجماعة كما حدث مع غيرها من التنظيمات التي سبقتها".
وفي الوقت الذي ينتظر فيه اليمنيون والمجتمع الدولي كيف ستتطور الأحداث، يبدو أن المنطقة تتجه نحو مواجهة حاسمة قد تعيد رسم خارطة النفوذ وتغير وجه البلاد للأبد.