تراجع مفاجئ في الإنتاج الصناعي بالسعودية رغم نمو الصناعات التحويلية

كشفت الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية عن نتائج أولية أظهرت انخفاضًا محدودًا في مؤشر الرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي بنسبة 0.2% خلال شهر فبراير 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ويعود هذا التراجع بشكل رئيسي إلى ضعف أداء قطاع التعدين واستغلال المحاجر، الذي يُعد الركيزة الأساسية للاقتصاد السعودي بسبب ارتباطه الوثيق بإنتاج النفط.
تراجع إنتاج النفط يؤثر على المؤشرات
وأوضحت الهيئة أن الانخفاض في مؤشر نشاط التعدين بلغ 0.7% على أساس سنوي، ويرجع ذلك إلى انخفاض متوسط إنتاج النفط الخام في السعودية إلى نحو 8.95 مليون برميل يوميًا، مقابل 9.01 مليون برميل في فبراير 2024. هذا الانخفاض البالغ نحو 60 ألف برميل يأتي في سياق التزام المملكة بسياسة خفض الإنتاج ضمن تحالف "أوبك+" لضبط سوق الطاقة العالمي، وهي استراتيجية تؤثر بشكل مباشر على الناتج الصناعي الكلي.
ارتفاع شهري يعكس مرونة القطاع
ورغم التراجع السنوي، إلا أن المؤشر العام للإنتاج الصناعي سجّل تحسنًا شهريًا بنسبة 0.7% مقارنة بشهر يناير 2025، مما يدل على قدرة القطاع الصناعي على التعافي المرحلي والتكيف مع تقلبات السوق. كما ارتفع نشاط التعدين بنسبة 0.3% على أساس شهري، وهو ما اعتبره اقتصاديون إشارة على بداية استقرار قد يُبنى عليه في المستقبل القريب.
الصناعة التحويلية تسجّل نموًا لافتًا
وفي تطور إيجابي، سجل قطاع الصناعة التحويلية ارتفاعًا بنسبة 0.2% على أساس سنوي، مدعومًا بنمو ملحوظ في بعض الصناعات الرئيسية. فقد ارتفعت صناعة المنتجات الكيميائية بنسبة 3.5%، في حين شهدت صناعة الأغذية قفزة كبيرة وصلت إلى 6.3%، ما يعكس تزايد الطلب المحلي وربما الإقليمي على المنتجات الغذائية. وعلى المستوى الشهري، ارتفع مؤشر الصناعة التحويلية بنسبة 0.9%، مما يعزز الآمال في استمرار هذا النمو.
مؤشرات متباينة وتوقعات مستقبلية واعدة
ويشير المحللون إلى أن هذه الأرقام تكشف حالة من التباين داخل القطاع الصناعي السعودي، إذ لا يزال قطاع التعدين يعاني من ضغوط مرتبطة بأسعار النفط، في حين تمضي الصناعة التحويلية بخطى ثابتة نحو النمو، مدعومة بسياسات حكومية تهدف إلى تنويع مصادر الدخل ضمن رؤية المملكة 2030. ويتوقع أن يشهد القطاع الصناعي تحسنًا تدريجيًا في حال استمرت الاستثمارات في الصناعات غير النفطية، خصوصًا في مجالات الأغذية والتقنيات المتقدمة.
هل يستمر التوازن؟
تبقى نتائج شهر فبراير 2025 بمثابة إشارات أولية في مسار أداء الاقتصاد السعودي خلال العام، في ظل مساعٍ حثيثة للتوفيق بين تقلبات قطاع النفط وازدهار الصناعات الأخرى. وإذا ما نجحت المملكة في الحفاظ على هذا التوازن، فقد يشهد الإنتاج الصناعي طفرة جديدة تعكس نجاح استراتيجيات التحول الاقتصادي الشامل.