هجرة إلى المجهول..الاحتباس الحراري يفرض واقعاً جديداً على «غزال الرنة»

تعتبر الهجرة هي أحد أنماط الحياة الأساسية للكثير من الحيوانات البرية، لأسباب مختلفة، منها اختلاف الطقس والغذاء والتكاثر وغيرها ؛ولكن، مع تفاقم الاحتباس الحراري، تتغير أنماط الهجرة، وبالفعل وثقت العديد من الدراسات العلمية تغيرات في أنماط هجرة الأنواع التي تهاجر تزامنًا مع التغيرات المناخية، ما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة؛ خاصة في تلك الأنواع المهددة بالانقراض،وتتأثر غزال الرنة الجبلية الجنوبية بالأنشطة البشرية والمناخ.
وتتبعت مجموعة بحثية من جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، أنماط هجرة قطعان غزال الرنة الجبلي الجنوبي التي أظهرت تغيرات واضحة في هجرتها خلال العقود الماضية؛ خاصة وأنها أحد أكثر الأنواع المهددة بالانقراض. ونشر الباحثون دراستهم في http://دورية "جلوبال تشانج بيولوجي" (Global Change Biology) في 3 مارس/آذار 2025.
أراد الباحثون خلال تلك الدراسة تتبع أنماط هجرة غزال الرنة الجبلي الجنوبي على مدار 35 عامًا، لذلك حصلوا على بيانات من 1704842 عملية نقل لما يزيد عن 800 حيوان من الرنة للفترة بين 1987 إلى 2022. علمًا بأنّ حركة الهجرة لهذا النوع من الرنة يجعلها تنتقل مسافة تتراوح ما بين 200 إلى 500 كيلومتر سنويًا بين النطاقات الموسمية.
وأسفرت النتائج أنّ تلك المجموعات المهاجرة تتقلص، وقد غيرت مدة ومسافة وارتفاع هجرتها على مدار السنوات محل الدراسة. ويرجع لعدة أسباب، منها تقلبات الطقس؛ نتيجة التغيرات المناخية. بالإضافة إلى الأنشطة البشرية؛ خاصة وأنّ التوزيع الجغرافي لتلك الأنواع في الجنوب بالقرب من المجتمعات البشرية، وهناك بعض القلق الذي يساور الباحثون حول تأثير استخراج الموارد على موائل غزال الرنة الجبلي الجنوبي، ما يزيد من خطر تعرضها للانقراض.
كما ركز الباحثون في دراستهم على التأثيرات البشرية؛ إذ وجدوا أنّه في عام 1983 بلغ متوسط نسبة المناطق المتأثرة بالأنشطة البشرية التي تضمن: قطع الأشجار، الحفر لاستخراج النفط والغاز، خزانات المياه، قد بلغ نحو 5%، بينما بلغت نسبة الاضطرابات الطبيعية التي لا يتدخل فيها الإنسان وتنتج عن الآفات والحرائق بنحو 0.3%. لكن بحلول العام 2020، وصل تأثير الأنشطة البشرية إلى 30%، وهذا يعني أنّ التأثيرات البشرية زادت 6 مرات مقارنة بالسابق، ما يُشير إلى التأثير البشري السلبي على تلك المناطق وما يترتب على ذلك من تهديد للرنة. وبالفعل، انخفضت أعدادها بنسبة 50% خلال فترة الدراسة.
وهناك حاجة ماسة لتعزيز قدرة الرنة على البقاء من خلال إدارة جيدة للبيئة التي تعيش فيها؛ لتنمو وتتكاثر بأعداد كبيرة، والحد من الأنشطة البشرية المهددة لها، وتعزيز العمل المناخي لتقليل آثار الطقس والتقلبات الجوية عليها.