اليمنيون في مصر.. معاناة الإقامة والبحث عن الأمل

في شقة صغيرة بحي المنيل، تعيش عائلة يمانية منذ ثلاث سنوات تحاول تثبيت أقدامها في مصر، ولكن بين الإقامات المؤقتة، الإجراءات المعقدة، والدخل المحدود، تحولت الهجرة من حلم إلى تحدٍ يومي. قصة هذه العائلة ليست استثناءً، بل تعكس حال آلاف اليمنيين الذين يسكنون القاهرة، حيث الإقامة القانونية أصبحت أشبه بمعركة لا تنتهي، وسط قوانين متغيرة ودعم محدود. إليك تفاصيل المشهد.
الإقامات المتاحة لليمنيين في مصر: تنوع صوري ومعوقات واقعية
تتنوع خيارات الإقامة أمام اليمنيين، ولكن لكل نوع شروطه الخاصة. الإقامة السياحية هي الخيار الأكثر انتشارًا، وتُمنح لفترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر. يشترط الحصول عليها تقديم حجز فندقي أو عقد إيجار موثق، وقد يُطلب كشف حساب بنكي. الإقامة الدراسية تتطلب قبولًا جامعيًا ودفع رسوم بالدولار، ما يضع عبئًا إضافيًا على الأسر. أما إقامة التعاطف، فتُمنح لحاملي بطاقة لاجئ من المفوضية، لكنها لا تتيح العمل أو الدراسة المجانية، وتستغرق إجراءاتها شهورًا وسط صعوبات في الحجز والتواصل.
الإجراءات المعقدة والمواعيد المؤجلة: تحدٍ يتكرر
تواجه الجالية اليمنية صعوبات حادة في استكمال التوثيق المطلوب، مثل توثيق عقود الإيجار، حيث يرفض بعض الملاك التعاون. ومع تزايد الطلب، ظهرت مكاتب تتقاضى مبالغ كبيرة لتقديم “خدمات” تسهيل. المواعيد الإلكترونية محدودة، والانتظار قد يمتد لأسابيع، في ظل إمكانية رفض الطلب دون تفسير واضح. حتى تسجيل المواليد الجدد لا يخلو من التعقيد، إذ يحتاج تصديقات من السفارة والخارجية المصرية، تليها خطوات طويلة في مصلحة الأحوال المدنية.
الدعم المتاح: جهود محدودة وسط ضغط كبير
السفارة اليمنية في القاهرة تبذل جهدًا لتقديم خدمات التوثيق وتجديد الجوازات، لكنها تعاني ضغطًا شديدًا نتيجة الأعداد الكبيرة، مما يحد من استجابتها السريعة. المفوضية السامية تقدم مساعدات نقدية وطبية محدودة، إلا أن صعوبة التسجيل وطول فترات الانتظار تقف عائقًا أمام كثيرين. بعض الجمعيات اليمنية تسعى لتقديم دعم موسمي، مثل خدمات طبية منخفضة التكلفة أو توزيع مساعدات غذائية، لكنها لا تكفي لتلبية الحاجة المتزايدة.
العمل غير الرسمي: مصدر دخل محفوف بالمخاطر
مع صعوبة استخراج تصاريح العمل، يلجأ معظم اليمنيين إلى العمل بشكل غير رسمي في مطاعم أو أنشطة تجارية صغيرة أو تعليم خاص. هذا الوضع يعرضهم للاستغلال ويحرمهم من التأمين الصحي أو الاجتماعي. كثيرون يعملون بأجور زهيدة وبلا حماية قانونية، مما يفاقم معاناتهم ويجعل الاستقرار في مصر هدفًا صعب المنال.
الأمل في التغيير: مطالب بتسهيل الإقامات وفتح تصاريح العمل
رغم هذه التحديات، تبقى هناك تحركات متواضعة من منظمات حقوقية تطالب بتيسير الإقامات لليمنيين ومنحهم تصاريح عمل، على الأقل في القطاعات التي تحتاج لعمالة. كما تطالب الجالية بمعاملتهم بصفة إنسانية مشابهة لبعض الجنسيات الأخرى، في ظل ظروف الحرب التي أجبرتهم على مغادرة بلادهم. وبينما لا يزال التغيير بعيدًا، يظل الأمل حاضرًا في نفوس من يسعون لحياة كريمة خارج وطنهم.