السبت 22 فبراير 2025 07:52 مـ 24 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

أرامل حسن نصرالله

السبت 22 فبراير 2025 11:17 صـ 24 شعبان 1446 هـ


▫️هكذا كانوا، وما يزالون، يتوارثون المهنة كما تتوارث الذئاب عواءها، وكما تتوارث العقارب سميّتها.

▪️لم يكن التسوّل عندهم طارئًا، ولم تكن المظلومية سوى وظيفة يمتهنونها، أقنعة متبدّلة يتقنون ارتداءها وفق ما تقتضيه الحاجة. البكاء وسيلتهم، واستدرار العطف تجارتهم، وأيادٍ تمتد إلى الصدقات لا تنقبض حين تملك الخنجر.

▫️ظننتُ، في هجرتي القسرية عن اليمن، أن الجوقة انتهت، أن الستار أسدل، وأن الجالية الفارسية، التي أنجبت عبدالملك نهشل طباطبا، شبعت بعد أن استولت على القصر الجمهوري، لكن شراهتها لا تعرف حدًا. "الشطف يبقى شطفًا"، يتقلب بين الأدوار دون أن يخلع جلده.

▪️أتذكر صديقي "محمد الديلمي" في 2003 وهو يحدثني عن بدرالدين الحوثي، كيف "كان يعيش على الصدقات"، وكأنما أراد أن يغرس في ذهني صورة الزاهد المتواضع، لكن رائحة الزيف كانت تخنق المشهد. قلت له: كيف تصفه بالسيد وهو يقتات من جيوب الآخرين؟ تلعثم الديلمي، واختنقت الحيلة في حلقه، وظهرت الحقيقة كما تظهر الشمس خلف ستارة ممزقة.

▫️روى لي شيخ شاب من آل روكان عن بدرالدين الحوثي، كيف كان يقف بالساعات أمام بيتهم، يترقب عطية والده، كيف كانت أطرافه ترتجف كلما لمح الشيخ قادمًا من بعيد، وكيف كان لسانه لا يتوقف عن اللهج بالدعاء، تزلّفًا، واستدرارًا لمزيد من الريالات.

▪️كانوا يمثلون، يحترفون استنطاق الدموع، يقفون على أبواب المتصدقين بأيدٍ ممدودة، ثم إذا امتلأت، قبضوها على خنجر وطعنة.

▫️اليوم، يواصل مندوبو "عبدالملك نهشل" تمثيليتهم، يذرفون ذات الدموع، كمثل هذا الشطف الخوثي????، يستخرج ذات الآهات، يبحث عن نظرة شفقة من "أبي مصطفى الإيراني" علّه يمنحه حفنة دولارات خضراء، يمارس طقوس الحزن المفتعل كي يغرفوا من صناديق #طهران ما يقيم سوق الموت في اليمن.

▪️أمس كانوا يتسوّلون عند أبواب #السعودية، وقبلها في #الأردن أيام الحسين بن طلال، وفي #قطر حين كانت صرة المال مشرعة، واليوم يمدّون أيديهم في #بيروت، على الطريقة الإيرانية، وبذات الملامح المسروقة، وبنفس التمثيل المبتذل.

▫️يتسوّلون بعيون ذابلة، بأصوات متهدجة، بأكفٍ لا ترتجف إلا حين تستشعر العطاء، لكن حين تمتلئ، تتحول إلى سيوف مسمومة، وحين تنتفخ الجيوب، تتقاطر منها رائحة البارود. أسياد في الشعارات، شحاذون في الحقيقة. زهاد حين يخطبون، تجار حين يحسبون. طلاب مظلومية حين يشتكون، سلاطين استبداد حين يحكمون. يتغير الزمن، تتبدل الوجوه، لكن العِرق لا يغادر الدم، والتسوّل لا يفارق اليد.

مقززون ..

*من حساب الكاتب على منصة إكس