الثلاثاء 1 أبريل 2025 04:41 صـ 3 شوال 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

التضخم يرتفع في السعودية مدفوعًا بزيادة الإيجارات وأسعار الأغذية

الأحد 16 فبراير 2025 10:45 مـ 18 شعبان 1446 هـ
التضخم في السعودية
التضخم في السعودية

سجل معدل التضخم في السعودية ارتفاعًا طفيفًا خلال يناير 2025، حيث بلغ 2% على أساس سنوي، مقارنة بـ 1.9% في ديسمبر 2024. جاء هذا الارتفاع مدفوعًا بزيادة أسعار الأغذية والمشروبات، إلى جانب استمرار صعود إيجارات المساكن، رغم استمرار انخفاض تكاليف النقل ولكن بوتيرة أقل.

يأتي هذا الصعود بعد فترة تباطؤ اقتصادي نسبي شهدتها المملكة في نهاية العام الماضي، مما يثير تساؤلات حول مسار التضخم خلال الفترة المقبلة وتأثيره على المستهلكين والقطاعات المختلفة.

تسارع ارتفاع أسعار الأغذية وانكماش أقل في قطاع النقل

بحسب البيانات الرسمية، شهدت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعًا بنسبة 0.8% خلال يناير، مقارنة بـ 0.78% في ديسمبر، ما يعكس وتيرة متزايدة للضغوط السعرية على هذا القطاع الأساسي، الذي يعد ثاني أكبر مكونات مؤشر التضخم في المملكة.

في المقابل، سجل قطاع النقل استمرارًا في الانكماش بنسبة 1.5%، لكنه أقل من الانخفاض الحاد البالغ -2.5% في ديسمبر 2024، مما يشير إلى تباطؤ وتيرة التراجع في هذا القطاع الحيوي.

الإيجارات تواصل الضغط على التضخم رغم التباطؤ الطفيف

يظل قطاع السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود المحرك الأساسي للتضخم في السعودية، رغم تباطؤ الارتفاع فيه إلى 8% خلال يناير، مقارنة بـ 8.9% في ديسمبر 2024.

ويعزى هذا التراجع إلى تباطؤ وتيرة ارتفاع الإيجارات، حيث ارتفعت بنسبة 9.7% في يناير مقابل 10.6% في ديسمبر، لكنها لا تزال عند أعلى مستوياتها خلال السنوات الأخيرة. وسجلت إيجارات الفلل أدنى مستوى زيادة سنوية عند 7.7% مقارنة بـ9.9% في الشهر السابق، مما يعكس تراجعًا نسبيًا في بعض الفئات السكنية.

تزايد الطلب على المساكن وسط تراجع المعروض

يعود استمرار ارتفاع الإيجارات إلى زيادة الطلب على العقارات السكنية، مدفوعًا بتوسع العديد من الشركات العالمية في المملكة وتأسيسها مقار إقليمية لها، مما عزز الطلب من قبل موظفي هذه الشركات.

إلا أن هذا الطلب المتزايد يقابله تباطؤ في المعروض السكني بسبب تراجع وتيرة البناء وضعف التمويل العقاري الجديد، ما أدى إلى استمرار الضغط على أسعار الإيجارات في العديد من المدن السعودية.

وفي هذا السياق، أشار صندوق النقد الدولي في تقرير مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 إلى أن ارتفاع الإيجارات يرتبط بتزايد أعداد العمالة الوافدة، إلى جانب مشروعات التطوير الكبرى في الرياض وجدة، التي تدفع الأسعار نحو الأعلى.

مكة المكرمة تتصدر ارتفاعات الإيجارات والمدن الأكثر تضخمًا

وللمرة الثالثة على التوالي، سجلت مكة المكرمة أعلى معدل زيادة في الإيجارات بنسبة 26.5% خلال يناير، تلتها الرياض بارتفاع 20.1%، ثم جازان بنسبة 13.7%.

في المقابل، خرجت بريدة من قائمة أعلى المدن ارتفاعًا في الإيجارات بعد أن سجلت 3.2% فقط، على غير المعتاد. أما مدينتا الهفوف وعرعر، فقد شهدتا تراجعًا طفيفًا في الإيجارات بنسبة -0.9% لكل منهما.

هذا الارتفاع في مكة المكرمة يرتبط بازدياد أعداد المعتمرين خلال أشهر رجب وشعبان ورمضان، مما يعزز الطلب على الوحدات السكنية المؤقتة ويدفع الأسعار للارتفاع خلال هذه الفترة من العام.

توقعات مستقبلية للتضخم في السعودية

على أساس شهري، ارتفع معدل التضخم في السعودية بنسبة 0.3% في يناير مقارنة بديسمبر 2024. أما على المستوى السنوي، فقد تباطأ متوسط التضخم في 2024 إلى 1.7% مقارنة بـ 2.3% في 2023، وهو ما يتماشى مع التوقعات الحكومية.

وتشير توقعات وزارة المالية إلى أن معدل التضخم سيبقى عند 1.7% في 2024، مع ارتفاع طفيف إلى 1.9% في الأعوام المقبلة (2025-2027)، ما يعكس توجهًا نحو استقرار الأسعار على المدى الطويل.

التضخم في السعودية بين الماضي والحاضر

سجلت السعودية أعلى معدل تضخم خلال أغسطس 2020، حيث بلغ 6.2% عقب قرار الحكومة رفع ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% في يوليو 2020 لمواجهة انخفاض الإيرادات خلال أزمة جائحة كورونا.

لكن مع مرور الوقت، بدأ التضخم بالتراجع التدريجي بعد زوال التأثير الأولي للضريبة. ولا يزال قطاع السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود هو الأكثر تأثيرًا في مؤشر الأسعار الاستهلاكية، يليه قطاع الأغذية والمشروبات، ثم قطاع النقل، الذي يستمر في التأرجح بين الانكماش والارتفاع.

ديناميكيات العرض والطلب

يُظهر ارتفاع التضخم في السعودية خلال يناير 2025 ضغوطًا مستمرة في قطاع الإيجارات وأسعار الغذاء، مما يعكس ديناميكيات الطلب والعرض المتغيرة في الاقتصاد السعودي. وعلى الرغم من تباطؤ بعض القطاعات، فإن الضغوط التضخمية لا تزال قائمة، مما يستدعي متابعة دقيقة لتطورات السوق العقارية والقطاعات الاقتصادية الأخرى.

في ظل هذه الظروف، تتجه الأنظار إلى السياسات الحكومية ومدى نجاحها في تحقيق التوازن بين تحفيز الاقتصاد وكبح التضخم، خاصةً مع تزايد الطلب السكني وتوسع الشركات الأجنبية في المملكة.