موجة برد قاسية تضرب شمال السعودية.. كيف تحمي نفسك؟
تشهد المناطق الشمالية من المملكة العربية السعودية موجة برد قاسية مع انخفاض شديد في درجات الحرارة، مما يفرض على السكان اتخاذ تدابير احترازية لمواجهة هذه الأجواء القاسية. بينما تبقى المناطق الجنوبية أكثر دفئًا، تتعرض مناطق مثل الجوف، الحدود الشمالية، وتبوك لرياح باردة قادمة من سيبيريا وأوروبا.
ويرجع هذا التفاوت في درجات الحرارة إلى العوامل الجغرافية والمناخية، حيث تؤثر زاوية سقوط أشعة الشمس، الكتل الهوائية الباردة، وارتفاع المناطق الشمالية عن مستوى سطح البحر في تزايد البرودة. فما أسباب هذه الظاهرة؟ وكيف يمكن للسكان حماية أنفسهم منها؟
لماذا المناطق الشمالية أشد برودة؟
التأثير المناخي لأشعة الشمس
وفقًا للدكتور عبد الله المسند، أستاذ المناخ بجامعة القصيم، فإن زاوية سقوط أشعة الشمس تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد درجات الحرارة. المناطق الشمالية تقع على خطوط عرض أعلى، ما يعني تعرضها لكمية أقل من الإشعاع الشمسي المباشر، خاصة في فصل الشتاء، عندما يميل محور الأرض بعيدًا عن الشمس.
على النقيض، تبقى المناطق الصحراوية مثل الربع الخالي أكثر دفئًا، حيث يمر فوقها مدار السرطان، مما يمنحها أشعة شمس أكثر عمودية حتى خلال الشتاء، ما يساعد في الحفاظ على الدفء خلال النهار.
الكتل الهوائية الباردة وتأثيرها المباشر
تلعب الكتل الهوائية القادمة من سيبيريا وأوروبا دورًا أساسيًا في انخفاض درجات الحرارة. تتشكل هذه الكتل فوق المناطق القطبية وشمال آسيا، ثم تتحرك جنوبًا بفعل أنظمة الضغط الجوي، ما يؤدي إلى انخفاض حاد في درجات الحرارة، تصل أحيانًا إلى ما دون الصفر المئوي.
كما أن الطبيعة الجغرافية الصحراوية للمناطق الجنوبية، مثل الربع الخالي، تحميها جزئيًا من تأثير هذه الكتل الباردة، حيث تحتفظ الرمال بالحرارة لفترة أطول خلال النهار، ما يجعلها أكثر دفئًا مقارنة بالمناطق الشمالية.
تأثير مستوى سطح البحر والتضاريس المرتفعة
تلعب الجغرافيا دورًا في تزايد برودة المناطق الشمالية، حيث تحتوي هذه المناطق على مرتفعات وهضاب تزيد من تأثير البرودة، إذ تنخفض درجات الحرارة بمعدل درجة مئوية واحدة لكل 150 مترًا من الارتفاع.
هذا التأثير يظهر بوضوح في مدن مثل تبوك والجوف، التي تضم تضاريس مرتفعة تزيد من انخفاض درجات الحرارة مقارنة بالمناطق المنخفضة مثل الربع الخالي، الذي يحتفظ بالدفء بفضل تضاريسه الصحراوية المستوية.
الطقس في السعودية وتحذيرات الأرصاد
حذّر المركز الوطني للأرصاد من استمرار موجات البرد في العديد من مناطق المملكة، حيث من المتوقع هطول أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة تؤدي إلى جريان السيول، مع تساقط البرد ونشاط الرياح المثيرة للأتربة والغبار.
تشمل المناطق المتأثرة مكة المكرمة، المدينة المنورة، حائل، القصيم، الرياض، المنطقة الشرقية، الحدود الشمالية، والجوف، مع توقعات بتساقط الأمطار في جازان، عسير، والباحة، وتكوّن الضباب خلال ساعات الليل والصباح الباكر، مما قد يؤثر على مدى الرؤية الأفقية.
كيف تحمي نفسك من البرد القارس؟
مع انخفاض درجات الحرارة، من الضروري اتباع إجراءات وقائية لحماية الصحة، ومن أبرز النصائح التي يوصي بها خبراء الطقس والصحة:
ارتداء ملابس شتوية ثقيلة: يُفضَّل ارتداء طبقات متعددة لعزل الحرارة ومنع فقدانها.
تجنب الخروج في الأوقات الباردة: خاصة خلال الليل المتأخر والصباح الباكر، دون تدابير وقائية مناسبة.
استخدام وسائل التدفئة بحذر: مع التأكد من تهوية المنزل جيدًا لتفادي مخاطر التسمم بغاز أول أكسيد الكربون.
متابعة تحديثات الأرصاد الجوية: لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي تغيرات مفاجئة في الطقس.
التأثير البيئي لموجات البرد في شمال المملكة
لم تقتصر تأثيرات موجات البرد على السكان فقط، بل امتدت لتشمل البيئة والنظام البيئي. فقد تتسبب الانخفاضات الحادة في درجات الحرارة في تجمد بعض المحاصيل الزراعية بالمناطق الشمالية، ما يهدد الإنتاج الزراعي.
كما أن تساقط الثلوج أحيانًا في مناطق مثل تبوك والجوف يشكّل حدثًا نادرًا، يغيّر أنماط الحياة مؤقتًا، حيث يستغل السكان هذه الظاهرة للاستمتاع بمشاهد الثلوج، لكن الطرقات تصبح زلقة وخطرة، مما يستدعي الحذر أثناء القيادة.
