الثلاثاء 11 فبراير 2025 08:19 مـ 13 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

أول ما تُلي من القرآن في مديرية بعدان !

الثلاثاء 11 فبراير 2025 12:54 مـ 13 شعبان 1446 هـ

بعد عشرين عاما من تربعه على عرش اليمن، توفي الملك سيف بن ذي يزن في قصر غمدان بالعاصمة صنعاء، فاستلم الحكم بعده ابنه معدي كرب بن سيف بن ذي يزن ، فاضطربت الأمور في عهده بسبب خلافه مع الأقيال والخلاف داخل البيت (اليزني) نفسه ، فاستعان بالفرس والذين وصل منهم الى صنعاء ما يقرب من ستة آلاف ، وهو عددهم مع عائلاتهم واولادهم ، وكان معسكرهم بمنطقة شعوب في ضواحي العاصمة ، وقد قُتل الملك معدي كرب بعد اربع سنوات من توليه الحكم (594م ) ، وكان مقتله في منطقة (الرحبة) شمال العاصمة على يد حرابه من (الحبشة ) كان قد اتخذهم طوابير يسعون بين يديه ، كما ذكر ذلك ابن قتيبة ، والمسعودي في مروج الذهب ، والمؤرخ (الفرِح) في الجزء الثاني من كتابه ( الجديد في تاريخ دولة وحضارة سبأ وحمير ) وبعدها تفككت الدولة الحميرية ، واحكم الفرس قبضتهم على صنعاء وما حولها فقط ، بعد ان استقدموا اربعة الف من الفُرس ، واخذوا يقتلون كل (أسود) ، كما قلنا احكم الفُرس قبضتهم على العاصمة صنعاء وبعض مخالفيها فقط ، اما غالبية مناطق اليمن فقد كانت تحت حكم الاقيال والذين تسموا بالملوك ودخلت اليمن في حكم ما يمكن ان نسميه ، ( ملوك الطوائف) وكان ابرزهم الملك ( زُرعة بن سيف ابن ذي يزن ) ، الذي حكم اجزاء واسعة من بلاد حمير ، ومارس الحكم من قصر (احور ) في (ابين ) وقصر ( يزن ) في مدينة عبدان بوادي عبدان بالعوالق بمحافظة شبوة حالياً ، ووادي عبدان هو الموطن الاصلي للاسرة اليزنية التي حكمت اليمن بالكامل في فترة من الفترات ، وهكذا استمر الوضع في اليمن حتى ظهور الاسلام ، فارسل رسول الله صل الله عليه وسلم رُسله الى ملوك حمير يدعوهم الى الاسلام ، ومن هؤلاء الرسل الصحابي الجليل ( جرير بن عبد الله البجلي ) الذي التقى بالعديد من ملوك حمير يدعوهم الى الاسلام ، حتى وصل الى الملك (الحارث بن عبد كلال ذي رعين ) في قصره بقلعة ( حب ) في بعدان محافظة اب حاليا ، فالتقى به وباخيه (نعيم بن عبد كلال ) وابلغهما كتاب رسول الله ، ولما كانا من اهل الكتاب فقد قرا عليهم جرير سورة البينة ( لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة … الى آخر السورة ) كما ذكر ذلك الهمداني في الجزء الثاني من الاكليل ، وبذلك فإن اول سورة من القرآن الكريم تُليت في بعدان هي سورة (البينة ) ،وقد اسلم الحارث بن عبد كلال واخوه ، وقد ذكر ابن حجر في الجزء الاول من كتابه ( الإصابة ) الصفحة 283 ان الملك الحارث بن عبد كلال كتب الى رسول الله صل الله عليه وسلم ، كتاباً قال فيه :

ودينك دين الحق فيه طهارة

وانت بما فيه من الحق آمرُ

وهكذا تنقل الصحابي جرير الى العديد من ملوك حمير في المعافر وبلاد ذي الكلاع ، وموكل ، حتى وصل الى ابين وقابل الملك ( زُرعة بن سيف بن ذي يزن ) ، والذي اسلم كما اسلم كل الملوك الذين قابلهم ( جرير ) ، ولما كان لزرعة الكلمة العليا على ملوك حمير فقد كان له دورا في اسلامهم ،فراسلهم جميعا بما فيهم قيس بن معدي كرب الكندي ملك حضرموت في ظل دولة حمير ، وقد تواعدوا جميعا على اللقاء

في مدينة ( الجند ) بمحافظة تعز حاليا في اول جمعة من شهر رجب سنة تسعة للهجرة ، والتقوا في ذلك اليوم الموعود واعلنوا الاسلام وشروق الاسلام في كل بلاد حمير والتي تشمل بالتسميات الحالية محافظات ومناطق ( اب وتعز ووصاب وريمة وتهامة وبلاد عنس والبيضاء والضالع ولحج ويافع وابين وعدن وشبوة وغيرها ) وشمل الاسلام حضرموت ومخاليفها الممتدة الى المهرة ومفارز عُمان ، ومن مدينة الجند بعث زُرعة بن سيف بن ذي يزن ومعه ملوك واقيال حمير وهمدان ، باسلامهم الى رسول الله صل الله عليه وسلم ، في المدينة المنورة ، حيث كان النبي في تبوك ( غزوة تبوك ) التي كانت في شهر رجب سنة تسعة للهجرة ، ولما عاد رسول الله الى المدينة في الايام الاولى من شهر رمضان ، وجد في انتظاره ( مالك بن مرة الرهاوي المذحجي ) يحمل رسالة من زُرعة بن سيف بن ذي يزن وبقية ملوك حمير تخبره باسلامهم ، فسُر رسول الله بذلك وكتب لهم كتابا اخبرهم فيه ان رسولهم اليه قد وقع به وهو منقلب من ارض الروم ، واوصى زرعة بحمير خيرا ، واخبرهم انه سيرسل اليهم الصحابي معاذ بن جبل فليسمعوا له ويطيعون ، في رسالة طويلة ذكرتها كُتب التاريخ والسير ومنها سيرة ( ابن هشام ) ، وهذا هو سبب احتفال ابناء اليمن باول جمعة من رجب ، وليس اعتقاد الكثير بان اليمنيين دخلوا الاسلام مع وصول الصحابي الجليل معاذ بن جبل الى الجند في اول جمعة من رجب سنة 9 هجرية ، ففي ذلك التاريخ كان معاذ رضي الله عنه في تبوك مع رسول الله صل الله عليه وسلم في جيش ( العسرة ) ، بينما كان رسول ملوك اليمن باسلامهم في طريقه الى المدينة المنورة ، وقد وصل معاذ بعد ذلك الى مدينة الجند واستقبله ملوك حمير واسس هناك جامع ( الجند ) ، واصبح بعد ذلك واليا عاماً لكل اليمن ، وتحت يده عمال لكل المخاليف في كل اليمن الكبير ، وولى رسول الله باذان الفارسي حاكم صنعاء ولاه بعد ان كان قد اعتنق الاسلام ولاه الامارة على ( الابناء ) الفرس في صنعاء ،،،،فيا ايها اليمني اعرف تاريخك جيدا ، فما اجمل معرفة التاريخ ، فالشعوب التي تعرف تاريخها جيدا لا تسقط.