أول ما تُلي من القرآن في مديرية بعدان !
![](https://media.almashhad-alyemeni.com/img/22/03/09/303922.webp)
بعد عشرين عاما من تربعه على عرش اليمن، توفي الملك سيف بن ذي يزن في قصر غمدان بالعاصمة صنعاء، فاستلم الحكم بعده ابنه معدي كرب بن سيف بن ذي يزن ، فاضطربت الأمور في عهده بسبب خلافه مع الأقيال والخلاف داخل البيت (اليزني) نفسه ، فاستعان بالفرس والذين وصل منهم الى صنعاء ما يقرب من ستة آلاف ، وهو عددهم مع عائلاتهم واولادهم ، وكان معسكرهم بمنطقة شعوب في ضواحي العاصمة ، وقد قُتل الملك معدي كرب بعد اربع سنوات من توليه الحكم (594م ) ، وكان مقتله في منطقة (الرحبة) شمال العاصمة على يد حرابه من (الحبشة ) كان قد اتخذهم طوابير يسعون بين يديه ، كما ذكر ذلك ابن قتيبة ، والمسعودي في مروج الذهب ، والمؤرخ (الفرِح) في الجزء الثاني من كتابه ( الجديد في تاريخ دولة وحضارة سبأ وحمير ) وبعدها تفككت الدولة الحميرية ، واحكم الفرس قبضتهم على صنعاء وما حولها فقط ، بعد ان استقدموا اربعة الف من الفُرس ، واخذوا يقتلون كل (أسود) ، كما قلنا احكم الفُرس قبضتهم على العاصمة صنعاء وبعض مخالفيها فقط ، اما غالبية مناطق اليمن فقد كانت تحت حكم الاقيال والذين تسموا بالملوك ودخلت اليمن في حكم ما يمكن ان نسميه ، ( ملوك الطوائف) وكان ابرزهم الملك ( زُرعة بن سيف ابن ذي يزن ) ، الذي حكم اجزاء واسعة من بلاد حمير ، ومارس الحكم من قصر (احور ) في (ابين ) وقصر ( يزن ) في مدينة عبدان بوادي عبدان بالعوالق بمحافظة شبوة حالياً ، ووادي عبدان هو الموطن الاصلي للاسرة اليزنية التي حكمت اليمن بالكامل في فترة من الفترات ، وهكذا استمر الوضع في اليمن حتى ظهور الاسلام ، فارسل رسول الله صل الله عليه وسلم رُسله الى ملوك حمير يدعوهم الى الاسلام ، ومن هؤلاء الرسل الصحابي الجليل ( جرير بن عبد الله البجلي ) الذي التقى بالعديد من ملوك حمير يدعوهم الى الاسلام ، حتى وصل الى الملك (الحارث بن عبد كلال ذي رعين ) في قصره بقلعة ( حب ) في بعدان محافظة اب حاليا ، فالتقى به وباخيه (نعيم بن عبد كلال ) وابلغهما كتاب رسول الله ، ولما كانا من اهل الكتاب فقد قرا عليهم جرير سورة البينة ( لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة … الى آخر السورة ) كما ذكر ذلك الهمداني في الجزء الثاني من الاكليل ، وبذلك فإن اول سورة من القرآن الكريم تُليت في بعدان هي سورة (البينة ) ،وقد اسلم الحارث بن عبد كلال واخوه ، وقد ذكر ابن حجر في الجزء الاول من كتابه ( الإصابة ) الصفحة 283 ان الملك الحارث بن عبد كلال كتب الى رسول الله صل الله عليه وسلم ، كتاباً قال فيه :
ودينك دين الحق فيه طهارة
وانت بما فيه من الحق آمرُ
وهكذا تنقل الصحابي جرير الى العديد من ملوك حمير في المعافر وبلاد ذي الكلاع ، وموكل ، حتى وصل الى ابين وقابل الملك ( زُرعة بن سيف بن ذي يزن ) ، والذي اسلم كما اسلم كل الملوك الذين قابلهم ( جرير ) ، ولما كان لزرعة الكلمة العليا على ملوك حمير فقد كان له دورا في اسلامهم ،فراسلهم جميعا بما فيهم قيس بن معدي كرب الكندي ملك حضرموت في ظل دولة حمير ، وقد تواعدوا جميعا على اللقاء
في مدينة ( الجند ) بمحافظة تعز حاليا في اول جمعة من شهر رجب سنة تسعة للهجرة ، والتقوا في ذلك اليوم الموعود واعلنوا الاسلام وشروق الاسلام في كل بلاد حمير والتي تشمل بالتسميات الحالية محافظات ومناطق ( اب وتعز ووصاب وريمة وتهامة وبلاد عنس والبيضاء والضالع ولحج ويافع وابين وعدن وشبوة وغيرها ) وشمل الاسلام حضرموت ومخاليفها الممتدة الى المهرة ومفارز عُمان ، ومن مدينة الجند بعث زُرعة بن سيف بن ذي يزن ومعه ملوك واقيال حمير وهمدان ، باسلامهم الى رسول الله صل الله عليه وسلم ، في المدينة المنورة ، حيث كان النبي في تبوك ( غزوة تبوك ) التي كانت في شهر رجب سنة تسعة للهجرة ، ولما عاد رسول الله الى المدينة في الايام الاولى من شهر رمضان ، وجد في انتظاره ( مالك بن مرة الرهاوي المذحجي ) يحمل رسالة من زُرعة بن سيف بن ذي يزن وبقية ملوك حمير تخبره باسلامهم ، فسُر رسول الله بذلك وكتب لهم كتابا اخبرهم فيه ان رسولهم اليه قد وقع به وهو منقلب من ارض الروم ، واوصى زرعة بحمير خيرا ، واخبرهم انه سيرسل اليهم الصحابي معاذ بن جبل فليسمعوا له ويطيعون ، في رسالة طويلة ذكرتها كُتب التاريخ والسير ومنها سيرة ( ابن هشام ) ، وهذا هو سبب احتفال ابناء اليمن باول جمعة من رجب ، وليس اعتقاد الكثير بان اليمنيين دخلوا الاسلام مع وصول الصحابي الجليل معاذ بن جبل الى الجند في اول جمعة من رجب سنة 9 هجرية ، ففي ذلك التاريخ كان معاذ رضي الله عنه في تبوك مع رسول الله صل الله عليه وسلم في جيش ( العسرة ) ، بينما كان رسول ملوك اليمن باسلامهم في طريقه الى المدينة المنورة ، وقد وصل معاذ بعد ذلك الى مدينة الجند واستقبله ملوك حمير واسس هناك جامع ( الجند ) ، واصبح بعد ذلك واليا عاماً لكل اليمن ، وتحت يده عمال لكل المخاليف في كل اليمن الكبير ، وولى رسول الله باذان الفارسي حاكم صنعاء ولاه بعد ان كان قد اعتنق الاسلام ولاه الامارة على ( الابناء ) الفرس في صنعاء ،،،،فيا ايها اليمني اعرف تاريخك جيدا ، فما اجمل معرفة التاريخ ، فالشعوب التي تعرف تاريخها جيدا لا تسقط.