وكالة أمريكية: السعودية تملأ الفراغ الجيوسياسي في المنطقة.. دون استعداء إيران!
![](https://media.almashhad-alyemeni.com/img/25/02/10/303867.webp)
ذكرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن السعودية تظهر كأكبر المستفيدين من تداعيات الصراع في غزة، حيث أسهمت هذه التطورات في تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط بما لا يصب في مصلحة إيران. وأشارت الوكالة إلى أن المملكة لا تضيع الوقت في استثمار هذا التغيير لصالحها.
وأوضحت الوكالة أن هناك صراعًا بين نهجين في المنطقة، يتمثل الأول في شاب طموح يدرك متغيرات العالم، والآخر في رجل دين متمسك بأيديولوجية تقليدية، في إشارة إلى التطورات في الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
استراتيجية سعودية جديدة: التنمية بدل الحروب
بحسب "بلومبيرغ"، يدرك ولي العهد السعودي أن نجاح استراتيجيته الداخلية مرتبط باستقرار المنطقة، حيث تسعى المملكة لتحويل التركيز من النزاعات إلى التنمية. وأضافت أن السعودية تستفيد من الضغوط التي تواجهها إيران لتسريع هذا التحول الإقليمي، لكنها في الوقت نفسه تحرص على عدم استعداء طهران مباشرة، رغم دورها المتنامي في لبنان وسوريا وغزة.
الرياض وسيط دبلوماسي.. واستراتيجية رؤية 2030 تتحقق
وأشارت الوكالة إلى أن السعودية قدّمت نفسها كوسيط إقليمي رئيسي، حيث استضاف وزير خارجيتها اجتماعات دبلوماسية مكثفة لحل النزاعات، بما في ذلك محادثات متعلقة بالقضية الفلسطينية. كما أكدت أن سياسة المملكة الخارجية تحقق ثمارها، إذ تركز على خفض التصعيد وتوجيه العلاقات الإقليمية والدولية ضمن رؤية 2030، التي تعزز الاستثمار والاستقرار بدلًا من النزاعات.
الخليج يعيد حساباته.. دعم مشروط وإصلاحات اقتصادية
وأضافت "بلومبيرغ" أن الدول الخليجية، بقيادة السعودية، أصبحت أكثر حذرًا في دعمها المالي لجيرانها العرب، بعدما شهدت إهدار المليارات سابقًا بسبب سوء الإدارة وتجدد الصراعات. وأشارت إلى أن الرياض تفضل التركيز على الاستثمارات طويلة الأجل بدلاً من المساعدات التقليدية، وهو ما سينعكس على زيارة رئيس لبنان المرتقبة إلى السعودية، التي ستركز على فرص التعاون الاقتصادي بدلًا من الدعم المالي المباشر.
التحديات الإقليمية: إيران لا تزال تملك أوراقًا مهمة
رغم التراجع النسبي لنفوذها، لا تزال إيران تحتفظ بسيطرة كبيرة في العراق واليمن، كما أن التوترات بشأن برنامجها النووي قد تشكل تحديات إضافية للرياض ودول الخليج. وأشارت الوكالة إلى أن أي تصعيد من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة تجاه طهران قد ينعكس على أمن المنطقة بأسرها.
وفي سياق متصل، أكدت الوكالة أن السعودية وتركيا تعاونتا بشكل وثيق في الملف السوري، إلا أنهما لا تزالان تتنافسان على النفوذ داخل الإدارة السورية الجديدة. كما أن الإمارات، أحد أقرب حلفاء الرياض، لديها مخاوف معلنة بشأن القيادة الجديدة في سوريا، ما يفرض على المملكة موازنة مصالحها الإقليمية بحذر.
سوريا بين النفوذ السعودي والضغوط الإيرانية
بحسب التقرير، فإن أحمد الشرع يرى نفسه شريكًا استراتيجيًا للسعودية وحلفائها، لكنه لن يتحول إلى وكيل لهم، حيث يسعى للحفاظ على استقلالية قراراته السياسية، مع استغلال الدعم العربي لإعادة سوريا إلى المشهد الإقليمي.
لكن في المقابل، قد تلجأ إيران إلى تصعيد برنامجها النووي لتعويض تراجع نفوذها في المنطقة، وهو سيناريو قد يدفع إسرائيل والولايات المتحدة إلى ردود فعل قوية، مما قد يعيد خلط الأوراق مجددًا في الشرق الأوسط.
السعودية بين الحذر والفرص.. هل تنجح في قيادة التحولات؟
تختم "بلومبيرغ" تقريرها بالإشارة إلى أن السعودية تقود مرحلة تحول غير مسبوقة في الشرق الأوسط، حيث تسعى لاستغلال الفرص الجديدة بحذر، مع تجنب الدخول في صراعات مباشرة. فهل ستتمكن الرياض من تحقيق توازن استراتيجي بين النفوذ الإقليمي والاستقرار الداخلي؟ الأيام القادمة ستكشف الكثير عن ملامح المرحلة الجديدة في الشرق الأوسط.