الجمعة 7 فبراير 2025 10:06 صـ 9 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

يقول المثل اليمني :دار معمور ولا قرية خراب

الأحد 12 يناير 2025 09:47 مـ 13 رجب 1446 هـ

واحدة من مؤشرات التعافي العربي هي التحولات في سوريا وانخراط دولة مثل السعودية بثقلها الاقتصادي والسياسي الدوليين لترافق هذا التغيير وتعمل على توطيده وجلب الرعاية والاعتراف والدعم الدولي لسوريا الجديدة.

اكتب هذه الخاطرة بين ان دعيت امس لتقديم مداخلة على تطبيق الزووم في لقاء يضم كوكبة من الدارسين اليمنيين والعرب في مساق الدراسات العليا خصوصا في العلوم السياسية للتطرف إلى انعكاسات الشأن السوري على اليمن.
كان الحديث عفويا والأفكار متدافعة ولا يسع الفرد ان يقول كل شي. احداث اليوم السياسية في الرياض تنضج الأفكار اكثر وتحث على التجديد وفق المستجد والطارىء وعلى ضوءها تتخلق الرؤى والاستشرافات.

سياسياً، أهمية الدور السعودي الآن هو إدماج سوريا الجديدة في المنظومة السياسية والاقليمية والدولية أولاً. وثانيا ومع قدوم إدارة ترامب، حشد المجتمع الدولي لكبح النشاط الإسرائيلي في سوريا الذي يهدد العاصمة السورية ويمارس الاجتياح والضم ويقوض السيادة السورية ويهدد بتمزيق سوريا والحؤول دون معالجة الشرق السوري.

الدولة السورية الجديدة ما تزال غضة وليست في وارد الدخول في حروب تستنزفها وتعيق خطوات المصالحة ولم شتات البلاد والانطلاق في مرحلة اعادة إعمار.

لقاء الرياض الذي يضم قوى دولية عديدة منها تركيا وألمانيا وبريطانيا بالإضافة إلى منظمات دولية يعني اشراك عدد اكبر من الفاعلين في استنهاض الحياة في سوريا وتقديم الدعم ولكن ايضا لجعل ايران في مواجهة المجتمع الدولي ان اقدمت على تعطيل التحولات في سوريا. الرسالة الثانية وهي ان طريق دعم سوريا هو طريق متعدد الأطراف. لن تتحمل السعودية ولا تركيا بمفردهما صعوبات المرحلة القادمة او تنفرد اي دولة بالمشهد. هذه عوامل تطمين الداخل والخارج. ثم ان اللقاء يزيح ايران والى الأبد من المشهد السوري بعد ان كانت ثالث ثلاثة أثافي التدخلات الخارجية السورية.

قد يرى البعض انه من المبالغ الاحتفاء بما يحدث في سوريا وكأنه مكسب ناجز لبلاد كاليمن.
والحقيقة هو كذلك. كل يوم تتقدم فيها الامور ايجاباً في سوريا وتتثبت أقدام الإدارة الجديدة ويبتعد شبح الحرب والصدامات والتنازعات في سوريا هو مكسب مباشر لبلاد كاليمن.
لان هناك عدوى بين الشعوب وفي ظل الاعتماد المتبادل فان الاضطراب في بقعة ما يعني خطر على بقاع عديدة.

إلى جانب إعادة الأمل في الخلاص من الكابوس الايراني الجاثم على عواصم عربية منها صنعاء، وإعادة الأمل في بناء دولة وطنية يشارك فيها أبناؤها في تشييدها، فان المردود المعنوي في نفوس اذرع النظام الإيراني قاصم.

ثم ان غرق المنطقة برمتها في صراعات جعل التفكير بالحلول عبثيا حيث تسلق على عجل وبرغبات خارجية لا وطنية. جرى تنميط للمنطقة ومشاكلها وبالتالي حلولها وفق تصورات ثقافويّة ذات ميول عنصرية امتثل لها بعض ابناء المنطقة للأسف.
لكن استمرار الصراعات افقد القوى الاقليمية العربية القدرة على التحرك والأخذ بزمام المبادرة.
إعادة دولة عربية إلى مسار الاستقرار وإصلاح مسار بناء الدولة على أسس المشاركة الواسعة خارج قبضة الاقليات ووفق أساليب حوكمة حديثة ومنظومة تحترم حقوق الإنسان يعني تصحيح نقطة انطلاق تأسيس الدولة العربية طالما والجمهوريات العربية تتشابه جميعها في هذه النقطة.

نجاح الدور السعودي العربي في تعضيد الانتقال في سوريا سيشجعها ان تتبنى ادوارا اكثر فاعلية في بقية البؤر في المنطقة ومنها اليمن بدلاً عن الانكفاء والتسليم للعربدة الإيرانية.

يمنياً، الأطراف المحلية اليمنية ستتمكن من بناء تصورات مسارات سلام عادلة غير المقولبة أممياً وتستعيد الثقة بنفسها.
اضافة إلى ذلك، السنوات التي مضت دفعت بالجماهير إلى عدم الاكتراث للفعل الحكومي واصبحت في وضع المنتظر. تخلت عن الرقابة والمطالبة، تخدرت الاحزاب السياسية. يمكن للجميع الان ان يستيقظ ومتابعة ما يجري ويغير دفة الامور لتصب في مجرى تطلعات الجماهير طالما جرى استعادة "الممكن" إلى قاموس الفعل السياسي والنضالي.