الخميس 6 فبراير 2025 10:22 صـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

القوات اليمنية تمنع المدد عن دمشق!!

الخميس 19 ديسمبر 2024 02:43 مـ 18 جمادى آخر 1446 هـ

وانا اتابع مجريات الاحداث في سوريا ، وكيف استولت المعارضة المسلحة على مدينة (حلب ) ثم انطلقت الى مدينة ( حماة ) وبعدها الى مدينة ( حمص ) ، وبعد ان دخلوا حمص كان التوجه الى العاصمة دمشق ، وانا اتابع ذلك استوقفتني المعارك حول مدينة حمص ، فعادة بي الذاكرة الى الماضي البعيد وتحديدا الى العقد الثاني من القرن الهجري الاول ، فعندما عزم الخليفة ابو بكر الصديق على فتح بلاد الشام ، بعث في انحاء الجزيرة يستنفر الناس لذلك ، وكانت عينه على اليمن فهي الخزان البشري وفيها فرسان العرب ورجالها ، وهي ارض المدد كما اخبر بذلك نبينا صل الله عليه وسلم ، فارسل الى اليمن اكثر من رسول ، وكان ابرزهم الصحابي الجليل أنس بن مالك الانصاري الذي تنقل في مخاليف اليمن ( نجران ، تهامة ، بلاد حمير ، حضرموت ، ثم صنعاء ومخاليفها ) وقد عاد الى المدينة المنورة ، وقال كما ذكر الواقدي في كتابه ( فتوح الشام ) : يا خليفة رسول الله ، والله ما قرأت كتابك على احد إلا وبادر الى طاعة الله ورسوله ، واجاب دعوتك ، وقد اقبلت اليك مبشرا بقدوم ابطال اليمن وشجعانها ، وقد ساروا اليك بالذراري والاموال فتأهب الى لقائهم ، وفي صبيحة اليوم الثاني وصلت الاخبار الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه ، ان المواكب والكتائب اليمنية ، يتلو بعضها بعضاً قد اقتربت من المدينة ، فخرج ومن معه لاستقبالهم ، فكان اول الواصلين هم قبائل حمير وهم بالدروع والخوذ والسيوف ، يتقدمهم اقيال حمير وملوكها بكامل زينتهم وعلى راسهم ذو الكلاع الحميري ( قائد كتائب حمير في الحروب ) وكان مقره في قلعة ( وحاضة ) مديرية حبيش محافظة اب حاليا، فلما اقترب من ابي بكر ومن معه اشار عليهم بالسلام وانشد قائلاً .

أتتك حمير بالأهلين والولد...

أهل السوابق والعالون بالرتب

أسد غطارفة شوس عمالقة...

يردوا الكماء غداة الحرب بالقضب

الحرب عادتنا والضرب همتنا...

وذو الكلاع دعا في الأهل والنسب

دمشق لي دون كل الناس اجمعهم...

وساكنيها سأهويهم إلى العطب ،

فتبسم الخليفة ابو بكر وسر بقول ذو الكلاع الحميري ، ثم اقبلت بعد ذلك كتائب ( مذحج ) اهل الخيل العتاق ، والرماح الدقاق ، يتقدمهم قيس بن مكشوح المرادي رضي الله عنه ، فلما وصل الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه قال :

أتتك كتائبُ منا سراعاً

ذوي التيجان اعني من مرادِ

فقدمنا أمامك كي ترانا

نبيد الروم بالأسل النجادِ

فجزاه ابو بكر خيرا ، ثم تقدم بكتائبه ونزل حول المدينة المنورة الى جانب كتائب حمير ، وتتابعت قبائل اليمن بالوصول الواحدة تلو الاخرى ، منها ( همدان ، وعك ، والنخع وغيرها ) ، وعند ذلك اهتاج ابو بكر للشام وعناه امرها وقرر تسيير الجيوش لفتحها ) كما قال الطبري في تأريخه ( الأمم والملوك ) وكذلك ابن خلدون في تأريخه ، وقد كان من ضمن الذين مع ذو الكلاع الحميري ، زُرعة بن سيف بن ذي يزن ، وابرهة ابن الصباح الحميري وغيرهم ، كما ذكر المؤرخ (محمد الفرح رحمه الله ) في الجزء الثاني من كتابه (الجديد في تاريخ دولة وحضارة سبأ وحمير ) . وكان مع ذو الكلاع عند وصوله الى المدينة ( اربعة آلاف عبد )غير الذي مع بقية الاقيال والملوك ، فقال له عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : بعنا هؤلاء نستعين بهم على عدو المسلمين ، فقال له خيرا . وفي الصباح جائه عمر بشأنهم ، فقال ذو الكلاع ( لقد اعتقتهم جميعا فهم احرار ! وقال : لقد اذنبت ذنبا عظيما فعسى ان يكون ذلك كفارة ، فقد تواريت ذات مرة ثم اشرفت فسجد لي مائة الف ) وقد ذكر هذا الحافظ ابن حجر في ( الاصابه ) .. انطلقت الجيوش الاسلامية لفتح الشام وكان عمودها الفقري هم ابناء اليمن ، الذين شاركوا في كل معارك الشام ، وبينما كانت المعارك تدور في ارض الشام وقد استنفر لها الروم بجيوش جراره ، كانت الرسائل من قادة الجيش العربي الاسلامي تصل الى الخليفة تطلب المدد ، فيلتفت ابو بكر الصديق مرة اخرى الى اليمن ارض المدد فيصل اليه في المدينة تسعة الف مقاتل من ابناء اليمن يتقدمهم فارس العرب ( عمرو بن معدي كرب الزبيدي ) ومالك بن الاشتر النخعي ، فارسلهم الخليفة مباشرة الى الشام ، وكان ذلك بعد معركة ( اجنادين ) سنة 13 هجرية ، وعندما قرر المسلمون فتح ( دمشق ) عاصمة هرقل في ارض الشام . ضربوا عليها حصارا من ابوابها الثمانية ، كل قائد على باب ، اربعة منهم من اليمن ( ابو عبيدة ابن الجراح ، خالد بن الوليد ، شرحبيل بن حسنة الكندي ، قيس بن مكشوح المرادي ، يزيد بن ابي سفيان ، عمرو بن العاص ، رافع بن عميرة الطائي ،ابو الدرداء الا نصاري ) . كان داخل دمشق قوة كبيرة من الروم وقد رفضت التسليم ، على امل وصول المدد من مدينة ( حمص ) الذي كان ( هرقل ) يعسكر فيها بقوة كبيرة ، ففطن لذلك القائد ابو عبيدة ابن الجراح ، واستدعى القائد ذو الكلاع الحميري وقال له . الست القائل امام الخليفه الصديق رحمه الله .

دمشق لي دون كل الناس اجمعهم

وساكنيها سأهويهم الى العطبِ ؟

فهاهي دمشق امامك ، فعليكم بمنع وصول المدد اليها من حمص حيث يقيم هرقل ، فتحركت قوات يمنية تقدر بستة الاف مقاتل وعسكرت ما بين حمص ودمشق ، وكانت كلما توجهت خيل للروم من حمص بقصد فك الحصار عن دمشق ، تصدت لها في الطريق خيول اليمانية ومنعتها من الوصول الى دمشق ، فلما ايقن الروم واهل دمشق ان المدد لن يصل اليهم عرضوا تسليم المدينة سنة 14 هجرية بعد حصار ستة اشهر ايام خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكان خالد بن الوليد رضي الله عنه يقول : لولا سيوف اليمانية التي منعت المدد عن دمشق لربما تاخر فتح المدينة اشهر اخرى ، بعدها شارك اليمانيون في فتح حمص وحماة وحلب ، اما هرقل فقد هرب الى ( انطاكيا) ، استقر الكثير من اليمنيين في حمص وحلب ودمشق ، ومنهم زرعة بن سيف بن ذي يزن ، ولما وجه الخليفة عمر بن الخطاب القائد عمرو بن العاص رضي الله عنه لفتح مصر سنة 20 هجرية كان معظم جيشه من ابناء اليمن والذي انتقل الكثير منهم من الشام، وكان ذو الكلاع الحميري على راسهم ، ومعه العديد من اقيال وكتائب حمير ، ومن قبيلة عك الكثير ، وبعد مشاركتهم في العديد من المعارك في مصر مرض ذو الكلاع الحميري ووافته المنية في مدينة ( مريوط ) جنوب الاسكندرية ، سنة 23 هجرية ، سلام الله على تلك الارواح اليمانية التي ترقد تحت ارض دمشق ، وحمص وحلب ، وارض اليرموك واغوار الاردن ، وتخوم بيت المقدس وكل ارض الشام ومصر وارض العراق ، سـلام الله على كل روح قضت نحبها هناك في سبيل الله ، حفظ الله اليمن الارض والانسان، ومكر بمن يمكر به.