الكشف عن قاتل خطير يتربص بالأجيال اليمنية
كشف "المرصد اليمني للألغام" عن حجم الكارثة التي خلّفتها الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي في مختلف المناطق اليمنية، مؤكدًا أن اليمن سيحتاج إلى أكثر من 20 عامًا للتخلص من هذا التلوث.
وبيّن مدير المرصد، فارس الحميري، أن الألغام لا تهدد اليمنيين فحسب، بل تمتد مخاطرها إلى الملاحة الدولية والتجارة العالمية.
تكثيف الألغام البحرية في البحر الأحمر
وفقًا للحميري، زادت الميليشيا من زرع الألغام البحرية في البحر الأحمر، بهدف التصدي لأي عمليات عسكرية بحرية محتملة، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات باتت تهدد حياة الصيادين اليمنيين وخطوط التجارة الدولية، خصوصًا في مضيق باب المندب، وهو ممر مائي حيوي.
وأوضح أن الألغام البحرية المزروعة، والتي هي في معظمها محلية الصنع بخبرات إيرانية، تنتشر بكثافة حول الجزر والموانئ الاستراتيجية مثل كمران والصليف والحديدة.
وأضاف أن الحوثيين يعتمدون على معدات بسيطة، مثل سخانات المياه، في تصنيع هذه الألغام وتزويدها بمواد شديدة الانفجار.
تلوث بري شامل بالألغام الأرضية
وعلى الصعيد البري، أشار الحميري إلى أن اليمن يعتبر من أكثر دول الشرق الأوسط تلوثًا بالألغام الأرضية، حيث زرع الحوثيون ما يقرب من 2.5 مليون لغم بمختلف الأنواع
وأضاف أن هذه الألغام وُضعت بطريقة عشوائية في مناطق مأهولة بالسكان، مما يمثل انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية.
تحديات تواجه فرق نزع الألغام
تواجه فرق نزع الألغام تحديات كبيرة، أبرزها الطرق الممنهجة التي يعتمدها الحوثيون لاستهداف العاملين في هذا المجال.
وأوضح الحميري أن الحوثيين زرعوا الألغام بطرق معقدة، تشمل استخدام دواسات موحدة وطبقات متعددة، وحتى تقنيات تكنولوجية حديثة، ما يزيد من صعوبة عمليات النزع.
جهود محلية ودولية لتطهير الأراضي
أشاد الحميري بالجهود المبذولة من قبل مشروع "مسام" السعودي، الذي نجح في إزالة آلاف الألغام وتطهير مساحات واسعة، مما جنّب مئات الآلاف من اليمنيين خطر الموت أو الإعاقة.
ومع ذلك، أكد أن الدعم المقدم للضحايا لا يزال غير كافٍ بالنظر إلى الأعداد الكبيرة من المتضررين، الذين يحتاجون إلى دعم مالي ونفسي وطبي شامل.
ضحايا الألغام في ازدياد
وثّق المرصد اليمني سقوط 105 ضحايا مدنيين، بينهم 41 قتيلًا و64 جريحًا، خلال الربع الأول من العام الجاري. وأشار الحميري إلى أن معظم الضحايا من الأطفال والنساء، ما يعكس الكارثة الإنسانية التي يواجهها المدنيون يوميًا بسبب هذا الخطر.
معاناة طويلة الأمد
حذر الحميري من أن التخلص من تلوث الألغام في اليمن قد يستغرق عقودًا، خاصة أن زراعتها شملت مناطق متنوعة التضاريس، بما في ذلك الجبال والوديان والمناطق الصحراوية.
وأكد أن وقف زراعة الألغام بشكل كامل يعتمد على التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
دعوة للمجتمع الدولي
اختتم الحميري حديثه بالدعوة إلى ممارسة ضغط دولي على الحوثيين لوقف زراعة الألغام وتسليم خرائط المناطق الملغمة. كما شدد على أهمية دعم الفرق الهندسية العاملة في تطهير المناطق الملوثة وتوفير المعدات اللازمة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
الألغام الحوثية ليست مجرد سلاح، بل هي كارثة ممتدة تُهدد حياة ملايين اليمنيين، وتفرض تحديًا مستمرًا على جهود السلام في البلاد.