‘‘فعلى أي جانبيك تميل’’
لن نجد للتعبير عما يحدث اليوم في سوريا أبلغ مما قاله المتنبي محذراً سيف الدولة:
"وسوى الروم خلف ظهرك روم / فعلى أي جانبيك تميل "
واليوم تتقلب سوريا بين أذرع متصارعة ، وفرت لبعضها البعض الشروط والاسباب لتدمير هذا البلد العظيم في عمليات عسكرية متلاحقة . فالنظام السياسي( كغيره من كثير من الأنظمة العربية) قمع المجتمع المدني ، وأدمن الشمولية السياسية على قاعدة أيديولوجية حرمت التعدد والتنوع ، ولم يسمح للمعارضة السياسية السلمية أن تصبح جزءاً من النظام السياسي ، وأخفق في بناء دولة مواطنة مدنية تحترم وتحمي التنوع العرقي والديني والثقافي والسياسي ، الأمر الذي وفر الشروط لقيام معارضة مسلحة مستلهمة أيديولوجية معاكسة في منهجها الفكري ومنفتحة على الخارج ، وعلى الجذور الإجتماعية والدينية والقومية لسكان البلاد ، وعلى الانتقام من النظام ، أكثر من استعدادها على تكوين قواسم مشتركة تتجاوز فيها كل هذه الاسباب التي وظفتها في إشهار نفسها كمعارضة مسلحة ضد النظام .
وبدا الوضع وكأننا أمام مشهد سريالي يجسد المقولة الشعبية " عز الدين أضرط من أخيه ".
ما يحدث في سوريا هو خلاصة لما استقر عليه وضع منطقتنا العربية :
-قمع الأنظمة السياسية للتعدد السياسي والتنوع الثقافي،يفضي إلى قيام معارضة أيديولوجية مسلحة .
-قوى اقليمية محيطة بالمنطقة العربية تتحين الفرصة للتدخل في شئونها ، موظفة هذا الوضع لاستنزاف الدولة العربية وتكسيرها ، كما يحدث اليوم في أكثر من بلد عربي ، والبقية في قائمة الانتظار ، ما لم نتدارك خطورة هذين العنصرين على استقرار العرب .