في الذكرى الحادية عشرة لإشهار إقليم تهامة: مفتاح استقرار اليمن والمنطقة وتصحيح المسار السياسي
تهامة اليوم على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخها، مرحلة تحررها من الوصاية والإقصاء الذي عانت منه طويلاً. لقد دفن أبناء تهامة إلى الأبد فكرة أن يُحكموا من الخارج أو يُدار إقليمهم من قِبل قوى سياسية لا تنتمي إليهم. اليوم، أبناء تهامة أكثر وعياً وقوةً، وهم عازمون على انتزاع حقوقهم وإعادة كتابة تاريخهم بأيديهم. في هذه اللحظة الفارقة، لا يمكن أن تتجاهل القوى الدولية والإقليمية أهمية دعم هذا الإقليم في نضاله لتحقيق حكمه الذاتي داخل اليمن الاتحادي.
إن إقليم تهامة، بموقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر، يعد من أهم المناطق التي تشكل خط الدفاع الأول لاستقرار المنطقة بأسرها. هذا الإقليم الذي يطل على واحد من أهم الممرات البحرية الدولية، يتحكم في أمن التجارة العالمية وإمدادات الطاقة. ولذلك، فإن استقرار تهامة وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم هو ضمان لاستقرار المنطقة، وهو أمر يجب أن تدركه كل القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة. فدعم أبناء تهامة ليس مجرد دعم لقضية محلية، بل هو استثمار استراتيجي لضمان أمن البحر الأحمر والممرات الدولية التي تعتمد عليها التجارة العالمية.
اليوم، تهامة تقود مرحلة جديدة من النضال، نضال من أجل الكرامة والحقوق. وهذا الإقليم الذي عانى طويلاً من سيطرة القوى الطائفية والعائلية، لن يقبل بعد الآن أن يُحكم من قِبل أي قوة خارجية أو من لا ينتمي إلى أبنائه. لقد ولى عهد الوصاية، وتهامة اليوم تعلن بصوت واضح أنها لن تخضع لأي سلطة لا تمثلها. وهذه الرسالة يجب أن تصل إلى كل القوى السياسية في اليمن. فتهامة لم تعد كما كانت في الماضي، ولن يقبل أبناؤها بأي محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
فالقوى التي تحاول إعادة سيطرتها على تهامة، وفي مقدمتها عائلة عفاش التي لا تزال تحلم بعودة حكمها العائلي البائد، يجب أن تدرك أن تهامة اليوم غير قابلة للخضوع. لقد انتهى ذلك العهد الذي كان فيه أبناء تهامة يُحكمون من قِبل قوى خارجية لا تمت لثقافتهم وتاريخهم بصلة. هذه القوى التي ساهمت في الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني، بتحالفها مع الحوثيين، لن تستطيع أن تعيد تهامة إلى تلك الحقبة المظلمة. فالزمن الذي كان فيه أبناء تهامة مجرد أداة في أيدي الآخرين قد ولى، ولن يعود.
فتهامة اليوم تقدم نموذجاً يحتذى به في نضالها من أجل الحكم الذاتي ضمن اليمن الاتحادي. هذا الإقليم الذي دفع ثمناً باهظاً في صراعه مع القوى الطائفية والمليشيات المسلحة، يجب أن يُمكن من إدارة موارده واستثمار ثرواته لصالح أبنائه. ولم يعد مقبولاً أن تستمر محاولات بعض القوى السياسية في السيطرة على تهامة أو استغلال مواردها، فالتهاميون اليوم هم من سيحددون مصيرهم، وهم وحدهم من سيقررون مستقبلهم.
ورسالة أبناء تهامة إلى جميع القوى السياسية في اليمن واضحة: لن نقبل بعد الآن بالوصاية، ولن نسمح لأي قوة بالتحكم في مصيرنا. وهذا هو الوقت الذي يجب فيه على كل يمني أن يدرك أن كل منطقة يجب أن تُحكم من قِبل أبنائها. لن يقبل أهل مأرب بأن يُحكموا من صنعاء، ولن يقبل أبناء البيضاء بأن يُداروا من تعز، وكذلك لن يقبل أبناء تهامة أن يُحكموا من قِبل الزيديين أو أي قوة أخرى تحاول بسط سيطرتها عليهم.
وأبناء تهامة يدركون تماماً أن تحقيق حلمهم في حكم ذاتي هو جزء من الحل الشامل لأزمة اليمن. ودعم إقليم تهامة وتمكين أبنائه من إدارة شؤونهم بأنفسهم، سيؤدي إلى استقرار اليمن ككل، ويمنح كل إقليم الحق في تقرير مصيره داخل الدولة الاتحادية. هذا هو الحل الذي اتفقت عليه القوى السياسية في مؤتمر الحوار الوطني، وهو السبيل الوحيد لبناء دولة عادلة تحقق طموحات جميع اليمنيين.
اليوم، أبناء تهامة ينظرون إلى المستقبل بثقة وإصرار. إن المرحلة القادمة لن تكون كسابقاتها، فقد انتهى زمن الإقصاء والهيمنة. ولن يُسمح بعد الآن لأي قوة سياسية أو طائفية بالتحكم في مصير تهامة، وأبناء هذا الإقليم لن يقبلوا بأقل من حقوقهم كاملة. وهذه هي الرسالة التي يجب أن تصل إلى كل صناع القرار في الداخل والخارج، بأن دعم تهامة هو دعم لاستقرار اليمن والمنطقة، وهو خطوة استراتيجية نحو بناء يمن اتحادي مستقر وعادل.
في هذه اللحظة التاريخية، يجب أن يدرك الجميع أن استقرار تهامة هو استقرار للمنطقة بأسرها.