”زيارة رشاد العليمي لتعز: دلالات سياسية ومعوقات ميدانية وإمكانية التوجه نحو تهامة”
تشكل زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، لمحافظة تعز حدثًا سياسيًا بارزًا في المشهد اليمني، خاصة في ظل الأوضاع المعقدة التي تعيشها البلاد. تأتي هذه الزيارة في إطار مساعي الحكومة الشرعية لتعزيز وجودها في المناطق المحررة، وتحقيق مكاسب سياسية وميدانية، إضافة إلى التمهيد لاستراتيجيات مستقبلية قد تشمل توجيه الجهود نحو تحرير تهامة. تأتي زيارة العليمي لتعز في وقت حساس من الصراع اليمني، حيث تعكس رغبة الحكومة الشرعية في تثبيت سيطرتها على محافظة تعز التي تعتبر من أهم المحافظات الاستراتيجية في اليمن. تعز تُعرف بموقعها الجغرافي المهم الذي يربط بين الشمال والجنوب، وبين الساحل الغربي ووسط اليمن، ما يجعلها مفتاحًا لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة.
زيارة العليمي تحمل رسائل متعددة؛ أولها تأكيد التزام الحكومة الشرعية بدعم المقاومة الشعبية والجيش الوطني في تعز، وثانيها تعزيز الشرعية على الأرض في مواجهة التحديات المتعددة التي تواجهها من قوى أخرى، سواء كانت ميليشيات الحوثي أو التشكيلات المسلحة المدعومة من أطراف إقليمية. كما تمثل الزيارة محاولة لإعادة بناء الثقة بين القيادة السياسية والمواطنين، خاصة في ظل تزايد الشكوك حول جدية الحكومة في معالجة القضايا العالقة مثل الخدمات الأساسية وإعادة الإعمار. ورغم أهمية هذه الزيارة، فإنها تأتي في ظل معوقات ميدانية كبيرة. تعز محاصرة منذ سنوات من قبل ميليشيات الحوثي، وهذا الحصار أدى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير. كما أن المدينة تعاني من انقسامات داخلية بين فصائل المقاومة، بالإضافة إلى وجود نفوذ لقوى سياسية مختلفة قد تعيق تنفيذ خطط الحكومة المركزية. المعوقات الميدانية تشمل أيضًا ضعف البنية التحتية العسكرية للقوات الموالية للحكومة، ما يجعل من الصعب تحقيق تقدم ميداني حاسم في مواجهة الحوثيين. فضلاً عن ذلك، فإن تعقيدات الجغرافيا والبيئة القتالية في تعز تضيف تحديات إضافية أمام أي عمليات عسكرية كبيرة.
من جهة أخرى، تأتي هذه الزيارة في وقت تزداد فيه التوقعات حول إمكانية التوجه نحو تحرير تهامة، والتي تشمل محافظة الحديدة ذات الأهمية الاستراتيجية العالية. تحرير تهامة يُعد هدفًا رئيسيًا للحكومة اليمنية، حيث يمثل ميناء الحديدة أحد أهم الموانئ اليمنية، والسيطرة عليه تعني قطع خطوط إمداد رئيسية للحوثيين. التوجه نحو تهامة يتطلب استعدادات عسكرية كبيرة وتنسيقاً عالياً مع التحالف العربي بقيادة السعودية، بالإضافة إلى ضرورة حل الخلافات مع القوى المحلية المتواجدة في الساحل الغربي، مثل قوات المقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح. في هذا السياق، قد تكون زيارة العليمي لتعز بمثابة خطوة تحضيرية لتعزيز الجبهة الداخلية وتهيئة الظروف المناسبة لعمليات عسكرية مستقبلية في تهامة.
إن تنظيم زيارة مشابهة لتهامة يعتمد على عدة عوامل. تهامة، التي تشمل مدينة الحديدة والمناطق المحيطة بها، تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبيرة، خاصة مع وقوع ميناء الحديدة ضمن حدودها، وهو شريان اقتصادي هام للبلاد. إلا أن الوضع في تهامة لا يزال معقداً، وذلك بسبب الاتفاقيات الدولية، حيث ان الحديدة وتهامة عموماً مشمولة باتفاق ستوكهولم الذي رعته الأمم المتحدة، مما قد يفرض قيوداً على أي تحرك عسكري أو سياسي. بالإضافة الى الوضع الأمني، حيث انه على الرغم من الهدنة الجزئية، إلا أن المنطقة لا تزال تشهد توترات بين الأطراف المختلفة، مما قد يعقد أي زيارة رسمية. وأيضاً تهامة تعاني من أوضاع إنسانية صعبة، مما قد يجعل أي زيارة تتطلب ترتيبات خاصة لضمان تقديم الدعم الإنساني الكافي.
بالنظر إلى هذه التحديات، قد يكون من الصعب تنظيم زيارة مشابهة في الوقت الحالي دون إجراء ترتيبات أمنية وسياسية دقيقة. ومع ذلك، إذا نجحت الزيارة إلى تعز في تحقيق أهدافها، فقد تعزز من إمكانية تنظيم زيارات أخرى إلى مناطق مهمة مثل تهامة في المستقبل.
ختاماً تمثل زيارة رشاد العليمي لتعز خطوة استراتيجية تحمل دلالات سياسية مهمة في إطار الصراع الدائر في اليمن. وعلى الرغم من المعوقات الميدانية التي تواجه الحكومة الشرعية في المحافظة، إلا أن هذه الزيارة قد تكون جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى تعزيز الموقف العسكري والسياسي للحكومة تمهيدًا لتحركات محتملة نحو تحرير تهامة. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الخطط مرتبطًا بتجاوز التحديات الميدانية وبناء توافقات سياسية وعسكرية مع الشركاء المحليين والإقليميين.