الحرب على اللقاحات
قبل فترة جاءتنا للمستشفى الذي أعمل فيه حالتين لطفلين في الرمق الأخير، هذين الطفلين من قرية يرفض أهاليها أن يأخذ أطفالهم اللقاحات بسبب أن اللقاحات جزء من الغزو الغربي لنا، تم الاستنفار من قبل الجهات المعنية، لكن ذلك لم يفد شيئاً أمام عقول تم برمجتها بنظرية المؤامرة، متناسين أن اللقاح حصننا المنيع ضد المرض ولذلك تم تسمية اللقاح بالتحصين..
و من المؤسف أنه كلما استعد العالم لإعلان العالم خالياً من شلل الأطفال، يأتي خبر من هنا أو هناك بوجود حالات مرضية بشلل الاطفال تؤخر ذلك، و كانت اليمن أحد تلك الدول التي تؤخر هذا الإعلان، و سوء الوضع أكثر حد اشتراط بعض الدول على المسافرين اليمنيين أخذ لقاح شلل الأطفال، و هذا لم يأتي من فراغ بل كان نتيجة تردي الوعي لدى البعض أن اللقاحات جزء من مؤامرة الغرب علينا، فنتآمر على أنفسنا بعدم أخذها..
ميسي الذي فاز بالأمس بجائزة الأفضل في العالم للمرة السابعة في تاريخه، أصيب في طفولته بمرض نقص النمو و كان علاجه في حقنة، فتساءلت: ماذا لو أن أبو ميسي رفض إعطاء ابنه ليونيل تلك الحقنة من العلاج بدعوى أنها جزء من الحرب الغربية؟!،
كم طفلاً يجب أن نخسره لنفهم؟، و كم طفلاً سنخسره في معركة الوعي التي نخسرها في طريقنا نحو ذلك الفهم، نحن نفخخ مستقبل أطفالنا نظراً لأننا نتسلح بالخرافة في زمن العلم و الانفجار المعلوماتي..
لا تتهاون بجدول لقاحات أطفالك، فهذه اللقاحات هي من ساعدت البشرية على إنهاء مرض الجدري الذي فتك بأجيال من البشر، و لا تعتبر نفسك بعيداً من المرض، فمع خسارتنا لمعركة الوعي و خسارتنا لمعركة الفقر ستقترب منا معركة المرض كثيراً، ومع اقترابها عليك أن تعلم أن هذه الأمراض لا شفاء منها، بل ستخلف لك طفلاً معاقاً تظل تندب حظك بجانب عجزه طوال عمرك، أو تجعلك تخسر ابنك نهائياً، فتعيش حياتك متحسراً مع سؤال نفسك: ماذا لو ….؟!..