ليلة رهيبة كان لها ما بعدها
ليلة حزينة . ليلة رهيبة من ليالي التاريخ التي ليس لها مثيل ،، الكل في انتظار طلوع شمس اليوم الثاني ويتمنون ان يكون بينهم وبين اليوم الثاني امدا بعيدا ، الكل في قلق الكل في خوف ، هذا يحزم امتعته وهذا يلقي النظرة الأخيرة على كل ما حوله من بيوت وطرقات وكل ما عايشه منذ طفولته ، وهذا يخرج فيطوف في شوارع المدينة فيودعها الودائع الاخير والدمع ينسكب من عينيه ، لم يكن يخطر ببالهم ان تكون هذه هي النهاية ، الأطفال فقط هم من ناموا هذه الليلة اما غيرهم فلم يدخل النوم اجفانهم ، وكيف ينامون وهم مقبلون على امرِ عظيم ؟ هكذا كان حال سكان مدينة غرناطة من المسلمين في ارض الأندلس في مثل هذه الليلة 1يناير 1492م ففي صباح اليوم الثاني 2 يناير 1492م كان تسليم المدينة وهي آخر حصن للمسلمين في ارض الاندلس وخروج اميرها ابي عبد الله الصغير ومعه الألاف من العرب ، حتى الطيور عندما خرجت صباح اليوم الثاني لم تسمع اصوات الأذان في غرناطة كما اعتادت كل يوم بل سمعت بدلا عنه ( أجراس الكنائس) فعادت الى اوكارها منكسرة حزينة .
وهكذا خرج العرب من الاندلس بعد اكثر من ثمانمائة سنة من البقاء هناك وكانوا اسياد الدنيا ، خرجوا وتركوا خلفهم تراثاً علميا وثقافيا وحضارة لا زال العالم يتحدث عنها الى اليوم . خرجوا وتركوا خلفهم تحت التراب المئات من الحكام والقادة من الذين كان ملوك اوروباء يتسابقون على تقبيل اياديهم وتقديم الولاء والطاعة لهم ، وبعد خروج الدفعة الاولى تلتها دفعات بعد ان تم التنكيل بمن بقي وتخييرهم بين اعتناق المسيحية او الخروج من ارض الاندلس وهذا خلاف لما نصت عليه معاهدة التسليم .
سقطت الاندلس الفردوس المفقود وتم خروج العرب من نفس الطريق التي سلكها طارق ابن زياد وجنوده عند دخولهم قبل اكثر من ثمانمائة عام ، وهو القائد الذي لا يعرف عنه الكثير من شباب العرب اليوم اكثر مما يعرفون عن اللاعب ( كريستيانو ) وفريقا برشلونة وريال مدريد وجميعهم من ارض الاندلس.