الخميس 6 فبراير 2025 11:09 صـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

حزين جدا لان هذه الجماعة هي من ستُنظم المشهد الأخير وتحضر موكب التشييع لرمز الجمهورية الكبير

الإثنين 28 نوفمبر 2022 08:04 مـ 5 جمادى أول 1444 هـ
محمد دبوان المياحي
محمد دبوان المياحي

لستُ حزينًا لأن المقالح غادر الحياة، لقد عاشها كما يجب أن تكون، حياة مليئة بالوفرة، ثراء المعنى وكثافة الحضور. أنا حزين لأن جماعة غارقة في دماء البشر، تقع على الضِّفة الأخرى من الحياة، ولا تنتمي لكلمة واحدة من ميراث المقالح، بشر رديئون، هتكوا كل قيم الحياة، لا يفقهون شيئًا من تلك المعاني القدسية التي دونها الرجل. جماعة كهذه هي من ستُنظم المشهد الأخير، وتحضر موكب التشييع لرمز الجمهورية الكبير.

لا تحدثني عن أن الموت هو الحدث التوحيدي الأخير بين البشر، من لا يقدس حياة الناس، لا يمكن الوثوق بخشوعه عند مماتهم. أي رابطة بين هؤلاء وبين المقالح. كيف لا نكون بشرًا غارقين في الدجل والنفاق حين نرى أن لهذه الجماعة الحق في تقدم الصفوف، وتأبين الأب الكبير. ليس في حضورهم أي تشريف له، بل مساس بقيمته الجوهرية وميراثه الجليل، الرمزية العليا للشعر والفن والحياة، خلاصة العقل الكلي للأجيال طوال أكثر من نصف قرن من الزمان.

في مثل هذه اللحظات، يستحضر الناس، مشاهد الخيبة، الآثار الموازية لسطوة جماعة معادية للحياة على الجو العام. حين يموت أبوك وليس أمامك سوى العبور بجنازته تحت اشراف سلطة مريبة، في نظراتهم لؤم خفيّ تجاهه، لا أحد منهم يحفظ له قصيدة، وليس في أعماقهم أي أثر لمعنى قاله الرجل وأسهم في صناعة نظرتهم للحياة؛ لكنهم سيحضرون، يرتدون ثياب الحداد ويحاولون التمسّح بصورته؛ كي يقطفوا شرفًا ما، وينسون النظر في أياديهم الملطخة بالدم.

وداعًا يا أبانا الكبير... لقد صنعت مجدك ومضيت، وهنا يمكن خلودك الكبير..الباقي مجرد تفاصيل. لنا ميراثك في الحكمة، سنتوقف معه طويلًا ويتناسل في خيالات الأجيال للأبد. ولهم أن يحضروا جنازتك غرباء عنك، يشعرون بجلالتك، فاغرين أفواههم لا يفقهون سر مهابتك؛ لكنهم وجلون من صورتك المسجّاة هناك، سيحاولون الضغط على أنفسهم وتنظيم جنازة رسمية لدفنك، ثم يعودون فارغين من الأثر. فليس لهم من وحيك العالي هدى ولا من ميراث حكمتك قبس يريهم ضلالة مسيرتهم، أو يعيد إليهم معنى الإنسان. وداعًا يا أبانا الكبير .