الخميس 6 فبراير 2025 03:07 مـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

مفهوم الشرعية والدولة والجيش الوطني في تعز

الجمعة 4 نوفمبر 2022 06:49 مـ 10 ربيع آخر 1444 هـ
عبدالقادر الجنيد
عبدالقادر الجنيد

أنا أزور تعز الآن.

وبالرغم من أن تعز محسوبة علينا أنها ربما تكون القلعة الوحيدة في اليمن التي تقترب بدرجة بسيطة من مفهوم الشرعية ومفهوم الدولة ومفهوم الجيش الوطني إلا أنها أكثر مكان يتولد بداخلها الزعيق ضد المفاهيم الثلاثة.

سنحاول هنا أن نتفهم هذه المسألة وسط هذا الزعيق.

**
أولا: مفهوم الدولة
**

أبسط شرح للدولة هو أن يتنازل الناس عن قدر من حرياتهم ومقدار من أموالهم مقابل أن يوفر لهم من يحكم البلاد الأمن وشيئ من الخدمات والقضاء والحكم بين الناس.

ومفاهيم الشرعية والجيش الوطني هما مدماكان وركنان أساسيان لا يمكن أن تقوم الدولة إلا بهما.

الشرعية، يضفيها الناس برغبتهم وبرضاهم للدولة.

الجيش الوطني، يصرف عليه الناس من حر مالهم وضرائبهم لحماية الدولة والوطن.

ولكن في تعز هناك عدة مفارقات:
***

مفارقة تعز الأولى
*
١- هناك قصور شديد في ما يجب أن تقدمه الدولة للناس في تعز.
٢- هناك قصور شديد في توفير الأمن للناس في تعز.

٣- هناك قصور شديد في تنفيذ أحكام القضاء.

٤- هناك قصور شديد في تواجد الحاكم بين الناس في تعز.

مفارقة تعز الثانية
*
تعز، هي ربما المكان الوحيد الذي يستطيع فيه رئيس المجلس الرئاسي اليمني الذي معه مشكلة واشكالية في كل شيئ حتى في مقر إقامته في قصر معاشيق في عدن، أن يحدث فيه تغييرات جذرية بشخطة قلم بدون أن يحتاج لمراضاة إحدى الكتل المتصارعة.

يعني أن تعز هي المكان الوحيد الذي به شيئ من رائحة الدولة.

مفارقة تعز الثالثة
*
بالرغم من أن تعز محاصرة من الحوثيين وتحت القنص لأطفالها وتحت القصف لأحيائها السكنية إلا أن حربة التعبير مكفولة والوسائط الاجتماعية- التي هي من سمات هذا العصر- توفر منصات هائلة للتعبير عما يدور بنفوس الناس.

حرية التعبير والمنصات المجانية للتعبير، لم تفشل فقط بأن تقوم بدور السلطة الرابعة في المساءلة والمحاسبة والمكاشفة والتخلص من قصور الدولة والقائمين عليها ولكنها تطلق أيضا التهم الزائفة وتستعمل الكلمات الجارحة وتتمكن من تمزيق فئات المجتمع ويستغلها المصلحجيون كمطابخ دعائية مضادة.

تمزيق المجتمع والمطابخ الدعائية تضيع الحقيقة وتحبط الناس وتبث اليأس في نفوسهم وتنقذ المقصرين والفاسدين الذين ينخرون مؤسسة الدولة من داخلها.

**
ثانيا: ماذا سيحدث لتعز إذا انمحى مفهوم الدولة
**

تعز، لا يمكن أن تتنفس وتستمر بالحياة إلا بمفهوم الشرعية والدولة والجيش الوطني.

إذا غابت الدولة في تعز تقع فريسة للأشقياء من "الداخل" وتصبح مغرية للكيانات المتماسكة من "الخارج" المحيط بها للقفز إلى وسطها وملئ الفراغ بأنفسهم.

**
ثالثا: ماذا يجب أن يحدث في تعز
**

١- اعتبار أن مفاهيم الشرعية والدولة والجيش الوطني لا يمكن التفريط بها.

٢- تصحيح أي قصور في الشرعية والدولة والجيش الوطني بالمساءلة والمحاسبة والمراجعة وليس بالتجريف والتدمير.

٣- كفل حرية التعبير والعمل على أن يقوم هذا الحق الأساسي بدوره بإرساء مفاهيم الشفافية والمساءلة وليس بالتشهير والردح والتمزيق.
وعملية تهذيب حرية التعبير لا نريدها أن تتحقق بالقمع ولكن بضرب المثل والنموذج في تصرفات المسؤولين والسياسيين وقيام الدولة بدورها كدولة.

عبدالقادر الجنيد
٤ نوڤمبر ٢٠٢٢

موضوعات متعلقة