القول الناهج في تغيير المناهج
يتم طرح المناهج التعليمية في خضم الصراعات السياسية ، و يتم الزج بها في أتون حرب مذهبية و ثقافية ، و هذا خطأ كبير تتخذه الأطراف السياسية ، إذ إن المناهج التعليمية ماهي إلا وليدة عن المجتمع ، و تمثل إنعكاساً لمعتقدات هذا المجتمع الدينية ، عاداته ، تقاليده ، أنماط تفكيره ، سلوكياته ، و أساليب التربية فيه ، و من يريد عمس المسألة بجعل المجتمع وليداً لهذه المناهج التعليمية فهو يحرث الماء ..
المناهج التعليمية يجب أن تستهدف الفجوات الثقافية و القيمية و التعليمية في المجتمع ، لا أن تحدث المزيد من الفجوات و الثقوب في العقل الجمعي ، و لذلك من يأتي بمنهج يعارض الخلفية الثقافية أو المذهبية أو الدينية للمجتمع و يظن أنه سيغير تلك العقول بمناهجه فهو واهم ، لأنه يدخل مع من يستهدفهم في حرب هوية ، و حرب الهوية دائماً الخاسر فيها من يريد تغيير هوية المجتمعات ، لأن المجتمعات في حرب الهوية مهما أبدت من سلوكيات التصالح ، فإنها تنكفىء على نفسها و ترعى هويتها بحرصٍ كبير ، و قد يولد المجتمع رد فعل أكثر تشدداً في التمسك بالهوية ..
فلتتغير المناهج ، فإن تغييرها لا يجب أن يكون عقبةً في طريق العلم ، فهناك من أبنائنا من يقرأ مناهج الغرب و يبدع معها و لم يتغير دينه و لا ثقافته ، فما يتغير من تلك المناهج سوى المناهج النظرية و العلوم الاجتماعية ، و هذه تتدخل في تشكيلها عدة جهات و أهمها الأسرة و المجتمع و القراءات الذاتية مع الكثير من العوامل ، فلا تكثروا بالحديث عن تغيير منهج في نظام تعليمي منهار ، و ارعو قيم العلم و رسخوها في ذهنية الأجيال الصاعدة ..