عجوز حكيم يشخص المشكلة اليمنية
يقال أن أحد الزعماء السياسيين في اليمن قابل أحد كبار السن خلال إحدى زياراته لمحافظة إب الجميلة ، و أخذ و أعطى معه في الكلام ، وجد السياسي في ذلك العجوز صراحة عجيبة ، فأراد أن يسأله عن أيهما أفضل عهده أم العهد الذي سبقه ، فرد عليه العجوز قائلاً : أنتم معاكم يا السياسيين لبانة جالسين تتسالفوها بينكم ، الأول كان يطرح هذه اللبانة في ألقافنا (أفواهنا) وما كنا نقدر نتكلم ، و أنتم طلعتوا و أخذتم اللبانة من ألقافنا و طرحتوها في آذانكم ، ذلحين بنتكلم لكن ما بتسمعوا لنا كلمة..
و قد أحسن هذا العجوز في توصيف الحريات السياسية المدعاة في اليمن لعهود طويلة ، و هي كذلك على نفس التوصيف تقريباً في دول العالم الثالث ، فهذه الدول لديها أدبيات دستورية و قانونية جميلة ، لكنها دولة " في رأس رجال " كما يقال في اليمن ، بمعنى أنها دولة حاكمها هو كل شيء مثلما تكون المرأة في رأس الرجل و عهده و عقده ، فهو الدستور و القانون و هو الدولة و السلطة ، بيده القرار و بيده القوة يفعل بذلك ما يريد ، و الجميع يسبح بحمده ، أضيف لهذه الخلطة أخيراً أن أصبح الدين بيد الحاكم ، و هنا الكارثة إذ أن هذه الخلطة تمثل سلطة مطلقة تصنع من الحاكم شبه إله .. لكنهم عندما يخرجون من السلطة بطريقة أو بأخرى حتى ينقشع ذلك الوهم ، و يتفاجأ الجميع أنه لم تكن هناك دولة بل عصابة ..
و التصرف مع هكذا وضع يحتاج إلى الحكمة من أي كاتب ، طبعاً إذا كان الهدف التغيير و دفع البلد نحو الأفضل ، فعلى الكاتب أن يفعل كما يفعل الرجل مع حماره الكسول كما جاء في المثل : " ضربة في الحمار و ضربة في الوطاف " ، و أحياناً يحتاج الأمر منه ترك الحمار و ضرب الوطاف فقط ، كما في المثل : " اضرب الوطاف يفهم الحمار " ، و الوطاف هو ما يقابل السرج لدى الحصان .. فإن لم يفهم الحمار فعليه أن يتعامل مع كل سلالة للحمير بما يناسبها ، مع العلم أن تسمية الحمار ليست عيباً ، فالحمار هو رمز الحزب الديموقراطي الأمريكي ، يعني رمز بايدن ذات نفسه ..