الجمعة 7 فبراير 2025 03:11 صـ 9 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

ليلة العيد في جبلة.. تستيقظ بذاكرتي بشكل عجيب

السبت 9 يوليو 2022 08:43 مـ 10 ذو الحجة 1443 هـ

عندماكان الليل قد هبط بشكل لافت كانت السيارة تصعد من قاع الحقل باتجاه سمارة كان صوت السمة من اغنية علي السمة ذائعة الصيت.. ياقافلة عاد المراحل طوال.. وهي من كلمات كنز القومية اليمنية مطهر الارياني.. كنا ثلاثة شباب بعد انكسار المقاومة وخذلانها وغياب الامكانيات وهي التي كادت ان تتحرر اب من الجهات الثلاث.. المقاومة في القفر حررت كامل المديرية ووصلت الى المخادر والمقاومة من بعدان والنادرة والعود والشعر على مشارف جبل بعدان بقيادة الرمز الجمهوري نايف الجماعي

اصبحت المدينة تحت السيطرة النارية وكانت المقاومة من محور دمت حررت دمت والرضمة وباتت بحصن كحلان على مقربة من يريم بينما كانت قبائل بني مسلم التي قادت المقاومة الباسلة في يريم ٣ ايام عندما تعرض منزل المناضل علي مسعد بدير للاعتداء لاتزال في الجبال في الاستعداد الكامل لاستكمال عملية التحرير

كان السفر ناحية اب مخاطرة وكان المطر والليل احد الوسائل للتنقل السياسي وكانت اب قد شهدت اختطافات استهدفت الشباب بالمقام الأول بينهم محمود ياسين و احمد علي عبد اللطيف وامين الشفق وهشام هادي وعبد الله كرش ونشطاء.. مسيرة الماء اقل ماعملته اب ناحية تعز بعد الحصار ومحاولة كسر الحصار وامداد تعز بخط تواصل رئيسية بعد اعلاق الطرقات ذلك ان اب التي تقاوم بلا تباهي قاومت

كان يوسف لايتوقف عن تحليل مضامين اغنية السمة كان يذكرني كثيرا بشخصية القيل محمد علي عبود المليكي وشجاعته.. المطر ينزل بغزارة ونحن نصعد نقيل سمارة وحينها قلت عبارتي التي يحفظها الثلاثة.. من صخور جبل سمارة خلقت اضلعي.. ترجيت صديقنا الثالث الذي لايزال في اب ربما يقرأ مقالي ان يخفف قليلا نفث الكمران الابيض سيجارتنا المميزة جميعا و الذي ترك سحابة دخانية داخل السيارة التي كانت تقلنا وكانت تحجب الرؤية ويد السائق كادت ان تلتصق بالزجاج يمسح على الدوام

كانت ليلة العيد والطريق الذي يربط اب بتعز والجنوب مزدحم وكانت جبلة وجهتنا في الليل دخلنا المدينة التي رغم عدم اتساع مساحتها وقلة التفاصيل فيها تمنحنا من سنوات شعور غريب بتاويل وبلا تأويل خصوصا ليل جبلة من اكثر ليالي المدن هدوءا وسكونا للمتأملين وخصوصا ليلة العيد تلك

دخلنا الدار القديم لصديقنا سمرتنا بدأت.. ضوء خافت ومجلس قديم في جداره الجص ومفروش بلحاف قديم وانيق ومرتب مرتب وضع البخور اسفر المكان ورائحته مخزنة في ذاكرتي الآن.. في المساحة المفوحة وسط الجدار التي تشبه الدولاب وتسمى الخزانة كان يردد صديقنا باستمرار انها تحوي كتب وطنية نادرة وصديقي يجيب ترتيب الكلمات ببراعة لاعب الشطرنج...ويتغزل بالكتب

كان الليل كله اغاني مختارة من التراث اليمني مصحوبة بصمت وتأمل ويتخللها نقاش عن تاريخ جبلة المدينة والريف بطريقة غير مرتبة للمدينة التي كانت عاصمة للريف الذي جاء منه الربادي وعندما نغلق اللابتوب الذي نستمع منه ينفتح حديث الذكريات بشكل غير مسبوق لدرجة ان البعض تحدث عن قصص لأول مرة مصحوبة بشحنة مشاعر وتحليق في سقف الغرفة الذي كان هو الآخر مغلف بالجص ايضا..