ليلة القدر ليلة التسامح
ليلة القدر هي الليلة المنشودة لدى الجميع ، قدرها ثابت لدى الجميع و أجرها عظيم ، فقد امتدحها الله سبحانه و تعالى ، و أفرد لها سورةً في كتابه الكريم ، و لذلك تراها هدفاً لكل مؤمن بربه ، متتبعاً لنفحاته ، و متعرضاً لرحماته ، و قد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضلها ما لا يسع المقام لسرده ..
و لكني تساءلت مراراً و تكراراً : لماذا خص النبي صلى الله عليه وسلم هذه الليلة الكريمة بدعاء خاص وهو الدعاء المشهور : ( اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فأعف عنا ) ، لماذا يذكرنا صلى الله عليه وسلم بإسم الله العفو في هذه الليلة ، حتى تفكرت في قول الله تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) ، ومنها تقدير أمور السنة القادمة كما قال المفسرين ، فعرفت لماذا اسم الله العفو..
العفو كإسم لله تعالى معناه : أنه الذي يمحو آثار الذنوب و يزيد بالتفضل علينا ، وهو أشمل من اسم الله الغفور .. فأنت عندما تغفر لمن أساء إليك فأنت تسقط عنه العقوبه ولكن قد يبقى في نفسك شيء ، و لكنك عندما تنسى تلك الإساءة فأنت قد عفوت ، و عندما تبدأ صفحة جديدة فقد صفحت صفحاً جميلاً ، و هذه المعاني كلها أجمعها في التسامح..
و لذلك عندما تريد ليلة القدر و تدعو الله فيها : اللهم إنك عفوٌ كريم تحب العفو ، فلا تدعو بها كالببغاء ، و أعلم انك تقول فيها أن الله يحب العفو ، فلا تعيش ليلة القدر و أنت قاطع رحم ، أو تعيش خصاماً و عداوةً مع مجتمعك ، أو تحمل الكراهية و الحقد لأناس حولك ، بل قدم لنفسك بين يدي طلبك عفو الله عفواً عن خلقه ، و أرفع قدرك في ليلة القدر بعفوك و حبك لمن حولك ، و تذكر قول الله تعالى : ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ )..