الخميس 6 فبراير 2025 09:06 صـ 8 شعبان 1446 هـ
االمشهد اليمني
Embedded Image
×

”أقيال حول الرسول” يثير نقد وغضب واسع بعيدا عن الدراما اليمنية!

الخميس 6 فبراير 2025 09:06 صـ 8 شعبان 1446 هـ
حسين الوادعي
حسين الوادعي


بعيدا عن الدراما اليمنية أثار برنامج "أقيال حول الرسول" نقدا وغضبا.
يعكس البرنامج حالة اهتمام متنامية بالماضي اليمني قبل الإسلامي، لكن أبعاد ومنطلقات هذا الاهتمام تختلف من تيار إلى آخر.
هناك تيار ديني يعتبر أن الماضي اليمني قبل الإسلامي مجرد جسر إلى الإسلام يتمثل خير تمثيل في سيرة أسعد الكامل الذي اخترع له الإخباريون روايات يبشر فبها بالاسلام ومحمد قبل 3 قرون من البعثة! وبالنسبة لهذا التيار كان الإسلام لحظة انتقال اليمنيين من الجاهلية والفوضى الى الإسلام والهداية.. و واضح أن البرنامج المذكور يتبع هذا التيار.
هناك تيار علماني يفصل بين الدين والتاريخ ويقدم صورة يحتفظ فيها التاريخ ما قبل الإسلامي لليمن باهميته وقيمته من ناحية، وينظر لدخول اليمن العصر الإسلامي كحلقة أخرى من حلقات الصراع الديني حول اليمن من ناحية أخرى...لكن يخلط في مصادر معرفته بالتاريخ القديم بين البحثي والأسطوري.
وظهر تيار ثالث اقرب إلى الإلحاد يبجل عبهله العنسي بصفته رافضا للهيمنة الإسلامية (الغريب أن هذه هي الرواية الرسمية الاسلامية التي تسمي انتفاضته بحركة الردة)، وينظر هذا التيار باعجاب إلى عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب باعتباره أحد رواد الثورة ، حسب وجهة نظرهم، ضد الاستعلاء الهاشمي.. ولست بحاجة إلى التعليق حول مدى علمية وتاريخية تناول مثل هذا.
سبب الضجة، من وجهة نظري، أن الاهتمام الطاريء بالتاريخ اليمني هو اهتمام عشوائي قائم على قراءات تخلط بين التاريخ والأسطورة والدين. كما تعتمد كثير من هذه القراءات على روايات "الاخباريين" التي كتبت في العصرين الأموي والعباسي وشحنت باكاذيب الصراع السياسي بين القيسية واليمانية.
وبسبب محدودية معارفنا العلمية بتاريخ اليمن القديم يبقى اغراء سد الفراغات المعرفية بالاسطورة قويا من أجل تكوين صورة 'الماضي الذهبي" و"الحضارة العظيمة".
وحتى من انتقدوا برنامج "اقيال حول الرسول" بسبب خلطه بين التاريخ والأسطورة لا يختلفون كثيرا عنه في رؤيتهم للتاريخ. فهم يخلطون بين الحقائق التاريخية المستمدة من النقوش وبين اقاصيص الاخباريين والاسطورة الدينية.
فوق هذا كله، تحول مصطلح اقيال "مشائخ القبائل او الاقطاعيين المحليين" إلى اشكالية بحد ذاته بعد ان حاول البعض، بنوايا غير بريئة، تقديمه رمزا للهوية اليمنية . وجاء البرنامج ليكشف خطأ وخطل هذا الاختيار من ناحية، وضعف الوعي العلمي التاريخي بالتاريخ اليمني قبل الإسلامي من الناحية الأخرى.